ألقى خطيب الحرم المكي "عبدالرحمن السديس" خطبة الجمعة، وحاول خلالها أن يمهد لتطبيع المملكة مع الكيان الصهيوني، ويدافع عن تطبيع دولة الإمارات، وتبرير هرولة الأعراب والممانعين، من بعد اللاءات وجبهات الصمود والتصدي.

فقال في خطبته العصماء: "من التنبيهات المفيدة في مسائل العقيدة، عدم الفهم الصحيح في باب الولاء والبراء، ووجود اللبس فيه بين الاعتقاد القلبي وحسن التعامل في العلاقات الفردية والدولية".

مع أنه، من أصحاب النظرية العلمانية التي تنادى بفصل الدين عن الدولة، وعدم إقحام السياسة في الدين، والدين في السياسة.
ولكن التطبيع من وجهة نظر السديس "لا يتنافى مع عدم موالاة غير المسلم، ومعاملته معاملة حسنة تأليفا لقلبه واستمالة لنفسه، للدخول في هذا الدين".

وحاول أن يقدم صياغة جديدة لمفهوم الولاء والبراء، بخلاف المفهوم المعروف فقال: "من التنبيهات المفيدة في مسائل العقيدة عدم الفهم الصحيح في باب الولاء والبراء ووجود اللبس فيه بين الاعتقاد القلبي وحسن التعامل في العلاقات الفردية والدولية كما هو مقرر في المقاصد المرعية والسياسة الشرعية والمصالح الإنسانية إذ لا يتنافى مع عدم موالاة غير المسلم معاملته معاملة حسنة تأليفا لقلبه واستمالة لنفسه للدخول في هذا الدين، فيكون المسلم محسنا إليه ليستميل قلبه إلى الدين القويم".

وحتى يلبّس على بسطاء الناس، لم يفرق بين غير المسلم المسالم والحربي، الذى يحتل الأرض ويدنس المقدسات، ويهتك الأعراض.
وإمعاناً في الخداع، وليّ عنق النصوص، للتغطية على ما يريد الوصول إليه يقول: "وقد توضأ صلى الله عليه وسلم من مزادة مشركة ومات ودرعه مرهونة عند يهودي وعامل يهود خيبر على الشطر مما يخرج من زروعهم وثمارهم وأحسن إلى جاره اليهودي مما كان سببا في إسلامه".

لكن السديس نسي أو تناسى أن الرسول صلى الله عليه وسلم، طلب يهود خيبر أن ينزلوا على الصلح، وقَبِلَ -صلى الله عليه وسلم- منهم ذلك، وتمَّ التصالح على حقْن دمائهم، ودماء كلِّ مَنْ في الحصون من المقاتلة والذرية والنساء، وعلى أن يتركوا خلفهم الديار والسلاح والأموال والذهب والفضة ويخرجوا دون شيء، وبدءوا في الخروج من خيبر.
ولكنهم طلبوا من الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يزرعوا الأرض للمسلمين، مقابل شطر مايخرج منها فقبل منهم ذلك.

وحاول السديس كعادته، الترويج بأن حقائق الدين تستقى من النصوص واعتبار المآلات والنظر في العواقب، مع علمه أن الانبطاح لبني صهيون عاقبته خسراً فيقول: "وهكذا في وقائع كثير متعددة تؤكد أن حقائق الدين تستقى من الأدلة الصحيحة والبراهين الصريحة فأين هذا المنهج الأبلج من الركون للعواطف المشبوبة والحماسات الملهوبة؟ بلا علم وعقل وحكمة وبصيرة ونظر في العواقب واعتبار للمآلات وحين يغفل منهج الحوار الإنساني تذكى جوانب صدام الحضاري وتسود لغة العنف والإقصاء والكراهية".

وعلى نهج أعمى العميان، الذى يرى تسعة أعشار الايمان، في طاعة أمر السلطان، حتى لو صلى سكران حتى لو أجرم أو خان، حتى لو باع الأوطان.
قال: ومن أبرز معالم العقيدة الصحية المهمة وأسسها لزوم الجماعة وحسن السمع للإمام والطاعة خلافا لمنهج الخوارج المارقين والبغاة المقيتين والأحزاب الضالة وجماعات العنف المسلحة والطائفية البغيضة الذين يكفرون الولاة ويخرجون على الأئمة ويسفكون الدماء".

ومن باب ذر الرماد في العيون، قال: إن "قضية فلسطين"والمسجد الأقصى" القضية الإسلامية الأولى التي يجب ألا تُنسى في جديد الصراعات والتحولات والمتغيرات دون مزايدات إعلامية أو مبالغات صحفية أو معارك إلكترونية"..

وهنا يثور السؤال التالي: إذا كان هذا هو نهج السديس في التسامح والعفو والمعاملة الحسنة مع اليهود، تأليفا لقلوبهم، بالرغم من الجرائم التي ارتكبوها بحق الفلسطينيين، وتدنيس مسرى- رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فلماذا أصابه الصمم والبكم، وهو يرى خيرة علماء المملكة، ينكل بهم في سجون بن سلمان؟!!

وبعيداً عن التشنج والانفعال والملاسنات والتعصب نسوق للسديس، بعض النصوص، من القرآن الذى يتلوه كل عام في رمضان، لتكون له بمثابة وخزة ضمير، حتى لا يبقى سادراً في غيه!!

قال تعالى: {وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} (البقرة (120). قال أبو جعفر الطبرى: وليست اليهود، يا محمد، ولا النصارى براضية عنك أبدا، فدع طلب ما يرضيهم ويوافقهم، وأقبل على طلب رضا الله في دعائهم إلى ما بعثك الله به من الحق، فإن الذي تدعوهم إليه من ذلك لهو السبيل إلى الاجتماع فيه معك على الألفة والدين القيم. ولا سبيل لك إلى إرضائهم باتباع ملتهم، لأن اليهودية ضد النصرانية، والنصرانية ضد اليهودية، ولا تجتمع النصرانية واليهودية في شخص واحد في حال واحدة، واليهود والنصارى لا تجتمع على الرضا بك، إلا أن تكون يهوديا نصرانيا، وذلك مما لا يكون منك أبدا، لأنك شخص واحد، ولن يجتمع فيك دينان متضادان في حال واحدة.

وقال تعالى: {لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9)} [الممتحنة]

أي: لا ينهاكم الله عن البر والصلة، والمكافأة بالمعروف، والقسط للمشركين، من أقاربكم وغيرهم، حيث كانوا بحال لم ينتصبوا لقتالكم في الدين والإخراج من دياركم، فليس عليكم جناح أن تصلوهم، فإن صلتهم في هذه الحالة، لا محذور فيها ولا مفسدة.

إنما ينهاكم عن موالاة هؤلاء الذين ناصبوكم العداوة، فقاتلوكم وأخرجوكم، وعاونوا على إخراجكم، ينهاكم الله عن موالاتهم ويأمركم بمعاداتهم. ثم أكد الوعيد على موالاتهم فقال : ( ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون ).

وقال تعالى: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ) (82)المائدة.

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمدّ صلى الله عليه وسلم: لتجدن، يا محمد، أشدَّ الناس عداوةً للذين صدَّقوك واتبعوك وصدّقوا بما جئتهم به من أهل الإسلام" اليهودَ والذين أشركوا "، يعني: عبدة الأوثان الذين اتخذوا الأوثان آلهة يعبدونها من دون الله.

وقد تعامل الرسول - صلى الله عليه وسلم - مع اليهود الذين خانوا ميثاق المدينة، ونقضوا العهد، من قبائل اليهود بالمدينة، وهم "بنو قينقاع" و"بنو النضير" وبنو قريظة"، بما يتناسب مع خيانتهم، فأخرج بني قينقاع حينما هموا بكشف عورة امرأة وقُتِلوا أحد المسلمين، وأجلى بني النضير حين تآمروا على قتله صلى الله عليه وسلم، وقاتل بني قريظة حين نقضوا عهدهم في حصار الأحزاب للمدينة وتعاونوا معهم.

وهذا أكبر دليل على أن اليهود أغدر الناس وأخونهم وأكذبهم، بدليل أن كل قبائلهم في المدينة نقضت عهودها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخرجهم من ديارهم.

ثم يأتي السديس ومَن على شاكلته، من علماء السلطان، ليمهدوا، للتطبيع مع الكيان الصهيونى، تبعاً لأسيادهم من الحكام الممسوخين!!