لم تقنع إجراءات التهدئة التي اتخذتها الرئاسة والحكومة الجزائرية مؤخرا، الشارع الجزائري، الذي خرج في أول جمعة بعد الذكرى الثانية للحراك الشعبي في تظاهرات جديدة.

وخلال الفترة الأخيرة تم حل المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان)، والدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة، صاحبها تغيير حكومي في بعض الوزارات، إلى جانب صدور عفو عام عن عشرات المعتقلين خلال الحراك.

وخرج آلاف الجزائريين بعدة مدن بالبلاد لتجديد مطالب التغيير في الذكرى الثانية للحراك الشعبي الذي انطلق في 22 فبراير 2019، وأطاح بالرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

وخرج متظاهرون إلى الساحات والشوارع بعدة مدن شمالية، في مقدمتها العاصمة وبجاية وقسنطينة، استجابة لدعوات من ناشطين لاستئناف المسيرات المطالبة بالتغيير.

وفي 22 فبراير الجاري خرج آلاف الجزائريين في مظاهرات لإحياء الذكرى الثانية للحراك الشعبي.

وخلال الأيام الأخيرة، تجددت دعوات من ناشطين لاستئناف مسيرات الحراك الشعبي للضغط على النظام من أجل "تجسيد مطالب التغيير الجذري"، وفق ما أعلنوه على منابرهم في مواقع التواصل.

وأطلق النشطاء على مظاهرات اليوم "الجمعة 106 للحراك"، وتجددت فيها الشعارات التي جرت العادة أن يرفعها المتظاهرون في الجمعات السابقة، والمطالبة بالتغيير الجذري للنظام والقطيعة مع الممارسات السابقة.

واتسمت هذه المظاهرات بالسلمية، كما أن الشرطة التي كانت حاضرة بقوة في شوارع العاصمة الجزائر، اكتفت بتنظيم الحشود دون تدخل، رغم أن السلطات تمنع منذ بداية الجائحة التجمعات والتظاهر.

وبهذه المظاهرات استعادت المدن الكبرى في الجزائر، روحها الثورية في الذكرى الثانية لانطلاق الحراك الشعبي، مع عودة قوية للمسيرات الحاشدة المطالبة بالتغيير السياسي الجذري في البلاد.

ولبّى آلاف الجزائريين، الإثنين، نداء التظاهر الذي لم ينطلق من شخصيات سياسية أو نشطاء معينين، ولكن فرضته رمزية التاريخ المصادف للمسيرات الجماعية للجزائريين يوم 22 فبراير 2019.

وشوهد عدد من السياسيين في تلك المظاهرات وسط المسيرات، أمثال كريم طابو منسق "الاتحاد الديمقراطي الاجتماعي" –قيد التأسيس- والذي قضى 9 أشهر في الحبس السنتين الماضيتين، ورئيس "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" محسن بلعباس، إلى جانب قياديين من حزبه، كما حضر الناشط والحقوقي المعروف مصطفى بوشاشي وعدد من محامي معتقلي الحراك الشعبي.

وذكر عبد الغني بادي، وهو محام وحقوقي ومن أبرز رموز الحراك الشعبي، أن العودة للمسيرات "فرضها استمرار الوضع القائم لنظام سياسي يرفض التغيير ولا يريد الاعتراف بالإرادة الشعبية".

وأوضح بادي أنه من الضروري تكثيف المسيرات السلمية بعيدا عن المناسبات؛ من أجل الوصول إلى أهداف الحراك الشعبي المتمثلة في بناء دولة الحق والقانون التي تضمن كرامة المواطن وكامل حقوقه.

وبعيدا عن العاصمة، عمت المسيرات مدن وهران في الغرب، وقسنطينة وعنابة في الشرق، وسطيف في الهضاب العليا، فيما شهدت ولايات منطقة القبائل؛ البويرة وتيزي وزو وبجاية مظاهرات حاشدة.