تعجبت كثيراً عندما جنحت السفينة "إيفرجيفين " في قناة السويس، صباح الثلاثاء، 23مارس 2021 . وكيف سارعت الدول المختلفة لعرض خدماتها لإنقاذ السفينة الجانحة، واستمر تدفق هذه العروض حتى تم تعويم السفينة ووضعها في مسارها الطبيعى في القناة .

 وكيف بقيت السفينة حديث العالم  من خلال وسائل الإعلام التى نقلت أخبار السفينة الجانحة لحظة بلحظة، وكيف كان التندر على الوسائل البدائية التي تعاملت بها السلطات المصرية مع جنوح السفينة، وطرح حلول فكاهية لتعويمها .

وكيف كان التخبط الإعلامي في تناول هذا الخبر كما هي عادته في مثل هذه الحوادث .

ففي البداية كانت الرواية الرسمية  عاصفة بحرية، وأن الرياح هى المتسبب الرئيس في انحراف السفينة، وبعد قليل تغيرت الرواية لتشير إلى احتمالية وجود خطأ بشري ، ثم تحدث إعلام مسيلمة الكذاب عن نظرية المؤامرة، وأن تلك السفينة والشركة التي تملكها لديهما تاريخ أسود من الانحرافات والحوادث .

وفى الوقت الذى كانت فيه القنوات الإخبارية العالمية تتحدث عن كارثة توقف الملاحة تماماً في قناة السويس كان الإعلام الانقلابي يتحدث عن إعادة فتح الملاحة مرة أخرى في قناة السويس، وأن الأزمة قد انتهت بفضل مجهودات السيسي!! .

فقلت في نفسي: هناك سفينة أكبر وأعظم لاتزال جانحة تحتاج المساعدة لتعويمها وإنقاذها لكى تبحر من جديد ... هي سفينة الوطن الغالي مصر .

ففى خلال الأيام الماضية عاشت البلاد حالة من الأزمات الداخلية والخارجية، جعلتها تتصدر الأخبار العاجلة في العديد من القنوات الإخبارية العالمية:

* توقف الملاحة في قناة السويس .

* وفاة وإصابة العشرات نتيجة تصادم قطارين فى محافظة سوهاج .

* سقوط عقار فى القاهرة ... إلخ .

 فهذه السفينة _سفينة الوطن _ تحتاج أكثر مما تحتاجه سفينة قناة السويس للكثير من وسائل الأمان؛ حتى لايتكرر الجنوح مرة أخرى، لأنها فعلاً تشرف على الغرق لا قدر الله !!

لقد جنحت سفينة الوطن منذ سبع سنوات، حينما انقلب العسكر على التجربة الديمقراطية الوليدة، وحولوا البلاد إلى سجن كبير بإنهاء الحكم المدني، والقضاء على كل أشكال المعارضة السياسية، وأوعز لإعلامه للترويج لقائد الانقلاب بأنه أنقذ البلاد من حكم الإخوان!!

وأطلق قائد الانقلاب سيلا من المقولات التى تؤكد على جنوح سفينة الوطن مثل : "الجيش أسد والأسد لا يأكل أولاده"، "أن يقف المصريون طوابير في الانتخابات 15 ساعة خير من أن يتدخل الجيش في السياسة فتتخلف مصر من 30 إلى 40 سنة" ، "إحنا عندنا إنجازات كتييير بس مش هنقولها علشان الأشرار" ، "أوعوا تكونوا فاكرين إني هسيبها؟ لا والله لا والله" ، "لا خنا ولا هنخون لا قتلنا ولا هنقتل لا تآمرنا ولا هنتآمر"... إلخ..

لكن جنوح سفينة الوطن لم يكن بفعل الرياح العاتية ولا لسوء الأحوال الجوية، ولكن بسبب مؤامرات دولية وإقليمية مع مجموعة من المرتزقة .

ولاتزال هذه السفينة جانحة، ولايزال العبث بمقدراتها مستمرا؛ ليتواصل التفريط في ثرواتها وعسكرة مؤسساتها بوضعها تحت البيادة بزعم الحفاظ على أمنها القومي .

هذا الأمن القومي الذى ذبح على نصب تيران وصنافير!! ، وسد النهضة!! ، و حقول غاز شرق المتوسط!! ، وإغراق مصر في الديون!! ، وتمكين اللصوص والفاسدين!! ، وتقزيم مصر ودورها الإقليمي والدولي!! .

وقد بدأ جنوح سفينة الوطن مبكرا منذ بداية حكم العسكر 1952واستمر حتى ثورة يناير 2011 ، فكادت السفينة أن يتم تعويمها، ولكن للأسف فقد ابتليت سفينة الوطن بجنوح جديد أصبحت فيه تابعة إقليميا لدويلة صغيرة حديثة النشأة، تُسمى دويلة الإمارات!! .

ودوليا أصبحت منكوبة ذليلة خاضعة لتنفيذ مخططات صهيوأمريكية مثل :

* ما عُرف بصفقة القرن للإجهاز على القضية الفلسطينية .

* دعم جنرال الحرب المهزوم خليفة حفتر بتوجيهات إمارتية فرنسية!!

* إبرام  صفقات مشبوهة تثير الاستغراب، من خلال توقيع اتفاقات مع قبرص واليونان، تنازلت مصر بموجبها عن حقوقها في غاز شرق المتوسط  نكاية في تركيا!!

 * إقدام النظام الانقلابى على التوقيع على اتفاق ثلاثي مع إثيوبيا والسودان يسمح لأثيوبيا بإقامة سد النهضة، ويهدر حقوق مصر التاريخية في نهر النيل .

* ترسيم الحدود البحرية مع السعودية الذي انتهى بالتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، رغم وجود حكم قضائي بمصرية الجزيرتين .

وداخلياً صارت السفينة رهينة في يد العسكر.. فلا تعليم، ولاصحة، ولامشروعات حقيقية، ولاصناعات، ولا شيء ذا قيمة.

فقط سجون ومعتقلات، ومشروعات وهمية فاشلة، وقروض تكبل الأجيال القادمة، وانهيار اقتصادي، وزيادة في معدلات البطالة والفقر، وقمع واستبداد ومصادرة للحريات، وأفلام ومسلسلات هابطة تمجد بطولات العسكر الوهمية!!

ولاتزال هذه السفينة جانحة وتشرف على الغرق منذ أن أعلن قائد الانقلاب عن طلب تفويض لمحاربة الإرهاب المحتمل الذي  صار واقعا مملوساً يشاهده المواطن في كل لحظة، من خلال إرهاب الدولة ومن خلال جرائم النظام التى تودى بحياة العشرات يوميا في حوادث الطرق وانهيار العقارات والحرائق وغير ذلك من الجرائم .. وحتى الآن !!

فمتى تتضافر الجهود لإنقاذ سفينة الوطن الجانحة التى تشرف على الغرق  وهى تشق عباب البحر ؟

 هيا هبوا جميعاً لإنقاذها قبل أن نغرق جميعاً معها .