محمد عمر حسين

قال تبارك وتعالى {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ۚ قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ * قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا ۚ وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا ۚ وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ۚ عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا ۚ رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ } اﻷعراف 89 ـ 88.

هذه مقتطفات من كتاب "في قبضة العسكر"، للكاتب الصحفي ديڤيد كيركباتريك، وهو المدير السابق لمكتب صحيفة نيويورك تايمز بالقاهرة (2011 ـ 2015)، الذي يفضح أدق تفاصيل انقلاب السيسي وأسبابه وخلفياته، ويكشف حجم الدعم الذي تلقاه من أمريكا والكيان الصهيوني، والإمارات والسعودية.

الكتاب يوثق قصة التآمر على إرادة الشعب المصري، وكيف تم دهس زهرات ربيع الحريات؛ بكل طغيان واستهتار، وإجرام وتهتك.

تأتي أهمية الكتاب، لكونه يكشف المواقف الحقيقية للسياسة الخارجية الأمريكية تجاه قضايا الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان، وتجاه الإسلام نفسه، وهي تعطي مؤشرات دالة على رؤيتهم ومخططاتهم لمستقبل الصراع في الشرق الأوسط.

كما أنه يفضح أسرار الانقلاب العسكري في مصر، ويكشف حجم الدعم الأمريكي والصهيوني، والتغطية الخليجية له. وعلى هذا الأساس من التفاصيل والتوثيق والمتابعات، فهو يستحق الوقت الذي ينفق في قراءته، وفي الاطلاع على هذا التلخيص، وهذه الشذرات منه.

صدر كتاب في أيدي العسكر، أو نحو قبضة العسكر، INTO THE HANDS OF THE SOLDIERS في 2018، وهو يتضمن التغطية الصحفية التي قدمها المؤلف خلال فترة الانقلاب العسكري على الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي، والطريقة التي تعاملت بها إدارة الرئيس أوباما مع الموقف، ويكشف أسرارا خطيرة من واقع لقاءاته مع مسئولين أمريكيين، وتسجيلات لمحادثات أوباما مع الرئيس مرسي، ومحادثات وزير الدفاع الأمريكي حينئذ مع السيسي ودعمه للانقلاب.

تظهر المعلومات، أن الرئيس أوباما دعم بقاء الرئيس مرسي قبل يوم واحد من الانقلاب؛ لأنه كان يخشى اتهام حزبه الديمقراطي بدعم الانقلابات، ولكنه بدّل موقفه ودعم الانقلاب الدموي، بتأثير وضغوط من وزيري الخارجية والدفاع؛ اللذين حذرا من مخاطر حكم الإسلاميين على المصالح الأمريكية والصهيونية، والتداعيات المحتملة على الحلفاء في دول الخليج..

كان يومها رئيس الوزراء الصهيوني إيهود باراك، قد أبدى سعادته بانقلاب السيسي، وبإخراج مبارك من السجن، واعتقال مرسي، ثم دعا العالم كله للوقوف خلف السيسي.

وكشف المحلل الصهيوني روني في لقاء معه، أن السيسي أبلغ الصهاينة بانقلابه قبل ساعة الصفر بثلاثة أيام.

قال الصحفي كيركباتريك في حوار مع "كريستيان أمانبور" على قناة "CNN "، أنه حضر مذبحة رابعة ووصفها بأنها أسوأ من مذبحة ميدان تياننمان في الصين، وأن إدارة أوباما، شهدت أفول الديمقراطية العربية، ومهدت الطريق أمام ترامب لرعاية الطغاة.

كيف دعم الأمريكان الديكتاتورية؟

يقول كيركباتريك: "هذا الانقلاب شكل لحظة تحول للمنطقة بأسرها، فمن جهة أخمدت أحلام الديمقراطية، ومن جهة أخرى جرأ انقلاب السيسي كل الديكتاتوريين وشجعهم، كما شهدت هذه الفترة انقلابا في السياسات الأمريكية وتحولا لافتا لصالح الجناح، الذي يقول (عليك بسحق هؤلاء الإسلاميين)، كما نطق بها أندرو ميلير الذي عمل في مجلس الأمن القومي في عهد أوباما، والذي عمل في مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط في عهد الرئيس ترامب. وقد كان من داعمي الانقلاب؛ وزير الدفاع جيمس ماتيس، والمستشار الأعلى لشؤون الأمن القومي مايكل فلين".

يشير كيركباتريك في كتابه إلى كيف ارتعبت السعودية والإمارات وخاف حكامهما من الانتخابات في مصر وروّعهما أكثر فوز الإسلاميين فيها، فضغطتا بشدة لإقناع واشنطن بأن الإخوان ومرسي سيهددان المصالح الأمريكية في المنطقة، ولاحقا أدرك المسئولون الأمريكيون أن الإمارات ستتكفل بالنفقات المالية لدعم الاحتجاجات والانقلاب ضد مرسي.

لم يتورع الجيش المصري عن سحق المعارضين لانقلابه، فأطلق النار على جموعهم في أكثر من مناسبة ، ووصل الأمر إلى ذروته في 14 (أغسطس) 2013 ، حينما قتل العسكر عدة آلاف من الناس، وهو ما وصفته منظمة هيومان رايتس واتش بأكبر مذبحة تقع في يوم واحد في التاريخ المعاصر.

 ويكشف أن السفيرة الأمريكية آن باترسون، أبلغت الخارجية في رسائل إلكترونية مشفرة أن الانقلاب قادم لا محالة، إن لم يك واقعا بالفعل، وتوقعت أن يكون عنيفا، كما تحدث وزير الدفاع تشاك هيجل مع السيسي حول الانقلاب، وكيف أن قانون الولايات المتحدة ينص على قطع المساعدات عن أي جيش يقوم بالانقلاب على رئيسه المنتخب، وعليه فإن أمريكا لن تعترف بأن ما جرى هو انقلاب بالأساس.

لقد توقعت الإدارة الأمريكية، حدوث مجازر للإسلاميين، ولم تتدخل لوقفها تحت دعاوى حماية الديمقراطية وحقوق الإنسان؛ لم تفعل ذلك سواء بعد الانقلاب مباشرة، ولا حتى بعد مرور 5 سنوات من القمع والقتل والإعتداءات المستمرة.

دور الوزير جون كيري

شرح المراسل الأمريكي حقيقة موقف وزير الخارجية يومئذ، قائلا؛ إن العلاقات تطورت بشكل ملحوظ بين وزير الخارجية، وأكثر الأمراء والملوك الخليجيين شراسة في عداوتهم للإسلاميين، وأنه كان يذهب معهم في رحلات بحرية على اليخوت، وكان لا يثق بالإخوان المسلمين أبدا، وأنه أخبره بعد أعوام أنه قد أخذ انطباعا سلبيا عن مرسي على الفور، وذلك عندما ذهب في زيارة للقاهرة لأول مرة في مارس 2013 ، وأن كيري نعت الرئيس مرسي بوصف (أغبى مأفون قابلته على الإطلاق)، بينما ارتبط بعلاقات شخصية مع السيسي، وقال لكيركباتريك؛ "إن مرسي قد أينع وحان قطافه، والسيسي جاهز للتدخل، وهو ما أسعد كيري، وقال: عظيم أن مشاكلنا ستحل عن قريبا).

وزير الدفاع يخالف الرئيس أوباما

ويوضح الكاتب، من واقع التسجيلات الهاتفية الرسمية، أن وزير الدفاع الأمريكي أبلغ السيسي عكس ما كلفه به أوباما، بحسب ما رواه موظف كبير في مجلس الدفاع القومي وقاله هيجل لكيركبراتريك، فقد طالبه أوباما بأن يبلغ السيسي أنهم لا يدعمون الانقلاب على الرئيس الشرعي المنتخب، وكان على وزير الدفاع أن ينقل رسالة إدارة أوباما للسيسي بأنه ضد الانقلاب، ولكن الرسالة التي أبلغها هيجل للسيسي كانت مختلفة كليا.

حيث جاء في التفريغ النصي للمكالمات قول هيجل للسيسي (علاقتنا الطيبة ذات أهمية)، وذلك بدلا من (الديمقراطية ذات أهمية)، وبرر هيجل ذلك بأنه كان محاصرا بشكاوى عن مرسي تأتيه من الصهاينة والسعودية والإمارات، وأن محمد بن زايد قال له؛ (إن الإخوان المسلمين هم العنصر الأكثر خطورة في الشرق الأوسط اليوم).

وتابع: لقد مارست كل من المملكة السعودية ودولة الإمارات، الضغوط الشديدة لإقناع واشنطن بأن الرئيس مرسي وجماعة الإخوان المسلمين يشكلون خطرا على المصالح الأمريكية، كما وجد المسئولون الأمريكيون فيما بعد أن دولة الإمارات كانت توفر دعما ماليّا سريّا، لتنظيم الاحتجاجات ضد الرئيس مرسي.

لقد سبق أن نشرت صحيفة "الجارديان" مراجعة للكتاب قالت فيه؛ إن جون كيري قال يومها للتلفزيون الباكستاني؛ (إن جنرالات مصر يستعيدون الديمقراطية)، وأن محمد البرادعي دعم الانقلاب الذي أطاح بمرسي في يوليو 2013.

استهداف الإسلام والإخوان

لقد كشف الكتاب عن أن الهدف من الانقلاب ليس فقط سحق الإسلاميين، ولكن منع وصولهم إلى السلطة؛ حيث أكد أن شخصيات يمينية متطرفة في إدارة أوباما نصحته بسحق الإخوان، وأن هذه الشخصيات انتقلت إلى معسكر ترامب، وتمارس الدور نفسه في دعم السيسي ضد الإخوان.

يضيف مراسل الصحيفة الأمريكية الذي طالما فضح ديكتاتورية السيسي حتى ضاق به الانقلاب وقدمه للمحاكمة، فهرب من مصر قائلا: (لقد تمحورت السياسة الأمريكية بتوجيه من المتطرفين الدينيين في إدارة أوباما، حول منع وصول أي تيار إسلامي للحكم في المنطقة).

لقد نقل عن أندرو ميلر، وهو مسئول ملف مصر بمجلس الأمن القومي في عهد الرئيس أوباما، قوله عن متطرفي الإدارة الأمريكية: (كانوا يقولون حينئذ لدعم الانقلاب العسكري: عليك فقط أن تسحق هؤلاء الأشخاص)، في إشارة للإخوان والتيار الاسلامي الذي انتعش في مصر عقب ثورة يناير 2011.

ويقول؛ إن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، كانوا يتباهون عام 2011 بأنهم أقنعوا العسكر بالتحول نحو الديمقراطية، لكن بعد عام 2013، أصبحت الحوارات بين السيسي وجنرالاته مع نظرائهم الأمريكيين عبارة عن بث للهموم المتبادلة حول الرئيس مرسي.

لقد كشف السيسي نفسه بقوله؛ (إنه كان يتكلم مرتين يوميا مع وزير الدفاع الأمريكي عقب الانقلاب)، دون أن يوضح طبيعة المناقشات التي ظهر لاحقا أنها لدعم الانقلاب ضد الرئيس المنتخب، وكيف زاد من قلقهم عندما كرر على أسماعهم قوله؛ إن (مرسي يريد استعادة الخلافة الإسلامية).

دور الوزير ماتيس

ذكر كيركباتريك، أن وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، الذي كان وقت الانقلاب في مصر قائدا في قوات البحرية مكلفا بشئون القيادة المركزية، زعم أن الإخوان المسلمين ما هم إلا لون آخر من ألوان القاعدة، وذلك على الرغم من أن جماعة الإخوان المسلمين طالما أعلنت وعلى مدى عقود أنها تعارض العنف وتفضل الانتخابات، بينما القاعدة تندد بجماعة الإخوان المسلمين وتعتبرها مجموعة من السذج الذين يستغلهم الغرب ويوقعهم في حبائله.

ومما قاله الجنرال ماتيس في خطاب تناول فيه أحداث المرحلة الفائتة (كلهم يسبحون في البحر نفسه)، بل ذهب إلى أبعد من ذلك حين حمل الرئيس مرسي المسؤولية عن إسقاطه بسبب (قيادته المتعجرفة).

أما الجنرال فلين، الذي اعترف فيما بعد بأنه مذنب بالكذب على المحققين الفيدراليين، وذلك بموجب صفقة أبرمها مع المحقق الخاص، وقد كان يرأس في ذلك الوقت وكالة الاستخبارات العسكرية، وزار القاهرة في الشهور الأخيرة التي سبقت الانقلاب العسكري؛ لكي يتحدث مع القادة العسكريين في مصر حول الرئيس مرسي.

وذكر في حديث سابق مع نيويورك تايمز في عام 2016، بأنه (سواء تعلق الأمر بالإخوان أو بالقاعدة، فكلهم يحملون الأيديولوجيا نفسها).

لقد مارست كل من المملكة السعودية ودولة الإمارات، الضغوط الشديدة لإقناع واشنطن بأن الرئيس مرسي وجماعة الإخوان المسلمين يشكلون خطراً على المصالح الأمريكية، كما وجد المسئولون الأمريكيون فيما بعد أن دولة الإمارات كانت توفر دعما ماليّا سريّا، لتنظيم الاحتجاجات ضد الرئيس مرسي.

وقد أشار الكاتب إلى أن دعم إدارة أوباما لانتفاضات الربيع العربي كان مكبلا منذ البداية، بسبب الخلافات الداخلية حول القضايا نفسها، التي تحدد الآن معالم سياسة ترامب، أي طبيعة التهديد الذي يشكله الإسلام السياسي، وحول الوفاء للحلفاء الطغاة، من حكام الإمارات والمملكة السعودية، وصعوبة تحقيق تغير ديمقراطي في مصر وفي المنطقة.

وقال إن أوباما ومستشاريه المقربين كانوا يتمنون إحداث تغيير في السياسة الأمريكية القائمة والتأسيس لعلاقة جديدة مع العالم العربي؛ بهدف مواجهة التطرف المعادي للغرب وقطع الطريق عليه، ولذلك دعا لاحترام نتائج الانتخابات الحرة في مصر، إلا أن معظم المسئولين في حكومته وقفوا في الجانب الآخر، وعبروا عن مخاوف قديمة متجددة حول الخطر الكامن في الإسلاميين.

كيف أعاقت الدولة العميقة الرئيس مرسي؟

ذكر كيركباتريك طرفا من معاناة الرئيس مرسي مع قوى الدولة العميقة، منذ استلم منصبه، قائلا: (الرئيس مرسي استنفذ معظم طاقته في نضال ضد المقاومة التي كانت تمارسها ضده الدولة العميقة المتمثلة في العسكر والمخابرات والشرطة وقضاة الانقلاب والجهاز الإداري)، التي ترسخت في مواقعها على مدى ستة عقود من الطغيان والاستبداد.

وأشار إلى أنه في نوفمبر 2012، كجزء من المعركة مع القضاء للدفع باتجاه إجراء استفتاء على الدستور الجديد، أصدر الرئيس مرسي مراسيمه الخاصة التي كانت فوق المراجعة القضائية.

وفي مقابلة عام 2016، قال هيجل لصاحب الكتاب؛ (إنه كان محاصرا من الكيان الصهيوني والمملكة السعودية ودولة الإمارات لمطالبتهم بدعم الانقلاب على مرسي، وأن ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد قال له؛ إن (جماعة الإخوان المسلمين باتت اليوم العنصر الأخطر على الأرض في الشرق الأوسط).

 

كما أبلغ الصهاينة هيجل، بأنهم (يعولون على الجنرال السيسي لأنهم كانوا قلقين، بينما كان الجنرال السيسي نفسه قد أخبر هيجل بأنه توجد بعض القوى الشريرة جدا على الأرض. أنتم لا تستطيعون فهمها كما نفهمها نحن هنا، قاصدا الإخوان والتيار الإسلامي".

المحادثة الأخيرة بين أوباما ومرسي

كشف كيرباتريك نقلا عن مسئولين أمريكيين، تفاصيل المحادثة الأخيرة بين أوباما والرئيس مرسي قبل الانقلاب مباشرة؛ بحسب ما يقوله أحد مسئولي البيت الأبيض ممن يقع بحوزته سجل المحادثة التي جرت بين الرئيسين؛ زعم أن الرئيس أوباما قال لمرسي؛ (إن العسكر في مصر لا يتلقون التوجيهات من الولايات المتحدة، وحثه على التوصل إلى تسوية مع معارضيه المدنيين، بحيث تتحول رئاسته إلى حكومة وحدة وطنية).

وأضاف الرئيس أوباما، (سر على نهج نيلسون مانديلا، الذي عين حارس زنزانته مسئولا عن الأجهزة الأمنية، وقال له: كن شجاعا فالتاريخ ينتظرك). وقد أجابه الرئيس مرسي؛ (إنها نصيحة جيدة من صديق مخلص)، ولكنها جاءت متأخرة جدا؛ لأن الحرس الرئاسي نقل الرئيس مرسي إلى قاعدة عسكرية خاصة بهم، بحجة الحفاظ على سلامته، وبعد يومين فقط، في الثالث من يوليو 2013، أعلن السيسي انقلابه على الرئيس مرسي.

قرر الرئيس أوباما عدم الحسم فيما إذا كانت الإطاحة بالرئيس مرسي انقلابا أم لا؛ الأمر الذي يعني فعليّا أنه قبل بالانقلاب.

لم يتورع الجيش المصري عن سحق المعارضين لانقلابه، فأطلق النار على جموعهم في أكثر من مناسبة، ووصل الأمر إلى ذروته في 14  (أغسطس) 2013، حينما قتل العسكر عدة آلاف من الناس، وهو ما وصفته منظمة هيومان رايتس واتش بأكبر مذبحة تقع في يوم واحد في التاريخ المعاصر.

 

الرعب من الإسلاميين

يتطرق جانب كبير من الكتاب إلى الرعب من الإسلاميين وحكم الإخوان، الذي كان دافعا كافيا لتحالف أمريكا والصهاينة والإمارات والسعودية على دعم انقلاب السيسي.

ويركز على أقوال وزير الدفاع ماتيس في عهد ترامب، حيث قال في حديث عام؛ (إنه احتفى بالسيسي لأنه سعى لتقليص كمية المساوئ حول الدين الإسلامي، وأن أمريكا تدعم دولة مدنية وتساند السيسي لذلك).

وقال السيسي خلال حوار أذيع على قناتي CBC، و ON T.V سنة 2014؛ إن (الولايات المتحدة سعت لتأجيل استيلاء الجيش على السلطة في 3 يوليو الماضي، وأنه كان على اتصال بالسفيرة الأمريكية السابقة آن باترسون)، وهو تأكيد صريح منه أنه نسق مسألة استيلاء الجيش على الحكم مع مسئولين أمريكيين قبل التنفيذ بأيام، وأنهم كانوا على علم بتحركاته.

أيضا اعترف السيسي بسبب انقلابه في حوار مع واشنطن بوست في 3 أغسطس 2013، حيث قال: (لو كان الانقلاب على مرسي بسبب فشله لصبرنا إلى حين انتهاء مدته، ولكنه أراد إحياء المشروع الإسلامي وإعادة الخلافة الإسلامية).

وأضاف السيسي لوكالة أسوشيتد برس في 20 سبتمبر 2014، (تحركت لأحمي المصريين من خطر الإسلام السياسي)، وهو ما أكده وزير الخارجية السابق نبيل فهمي؛ في حديث لمجلة دير شبيجل، في 5 أغسطس 2013، (مرسي أراد تأسيس نظام إسلامي، ولم نكن لنسمح له بذلك فاتفقنا مع الجيش).

في الأثناء، كان نتنياهو يقول في تصريحات صحفية؛ (إن إسرائيل أسهمت بمليارات الدولارات في انقلاب مصر؛ لأن تحالف مرسي مع تركيا الإسلامية كان ينذر بزوال إسرائيل).

هذا ما لزم، والشكر موصول للأستاذ محمد آدم، الذي نقلنا كلامه بتصرف يسير.

وبهذا، نخرج بخلاصة القول؛ إن استراتيجية الإدارات المتعاقبة في مفاهيم وتطبيقات الغرب الصليبي وحلفائه، تمنح الحق في الطغيان لمن يخدم الرؤية الاستعمارية... وتجعل الأولوية والصدارة للمستبدين الذين يرعون المصالح العدوانية العابرة للحدود... وأن غاية التوظيف القصوى، تتجسد في منع مقاومة الهيمنة الأمريكية والغربية، وزعزعة ما تبقى من الحصون القائمة... وأنهم مستعدون للمضي في سبيل الشيطان، بالدوس على إرادة شعوبنا لأجل منع نهوض الأمة المرتقب، الذي يخشون عواقبه، ويحذرون تداعياته.

قال سبحانه {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ * فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} إبراهيم 47 ـ 46

نقلا عن "عربي21"