كشفت الحالة الصحية لمعتقلين أفرج النظام السوري عنهم قبل أيام في مدينة عربين،  وأكد مصدر يعمل في منظمة دولية حقوقية، عن جوع شديد ينهش أجساد المعتقلين في سجون ومعتقلات النظام السوري الأمنية والسرية والمدنية على اختلافها.

وأظهرت الصور التي تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي، لنحو 30 معتقلاً من مناطق ريف دمشق، كان النظام قد أطلق سراحهم، مدى الوهن والهزال الذي أصاب أجسادهم نتيجة الجوع.

ويتقاطع ذلك، مع شهادة أدلى بها مصدر يعمل في مجال توثيق الانتهاكات، أكد فيها أن الغذاء في معتقلات النظام يكاد يكون معدوماً، خسب "عربي21"..

وخلُص المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، بعد مقابلة أكثر من معتقل سابق في سجون مختلفة، إلى أن الجوع هو العامل المشترك في كل سجون ومعتقلات النظام.

وثمة تفسيران لتفشي الجوع في معتقلات النظام، الأول وهو الأرجح، أن النظام يستخدم الجوع وسيلة وأداة للتعذيب، بحيث يتم تحديد كميات الغذاء للمعتقلين بأقل من الحد الأدنى للمحافظة على الحياة.

والتفسير الثاني، هو نهب مخصصات الطعام من إدارة السجون، وهي المخصصات الشحيحة أصلاً، بسبب عجز نظام الأسد على تأمين النفقات الضرورية، ومخصصات الطعام لقواته، على خلفية الأزمة المالية الحادة التي تضرب بنية اقتصاده.

ولا يستبعد المصدر ذاته، أن تكون أوضاع النظام الاقتصادية المتدهورة قد أثرت على نحو ما على الكميات التي يخصصها النظام لإطعام المعتقلين والسجناء.

لكن رئيس "الهيئة السورية لفك الأسرى والمعتقلين" المحامي، فهد الموسى، أكد لـ"عربي21"، أن النظام يستخدم أسلوب التجويع مع المعتقلين بشكل ممنهج، موضحا: "معلوم أن سجون النظام تعمد إلى تجويع المعتقلين على نطاق واسع، وذلك بهدف ديمومة التعذيب على المعتقلين، الذين يتعرضون في الشهور الأولى خلال التحقيق للتعذيب الجسدي".

وأضاف الموسى، أنه نتيجة الجوع الدائم تتدهور الحالة الصحية للمعتقلين، وهو ما يؤدي غالباً إلى الوفاة.

من جانبه، قال مدير "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" فضل عبد الغني إن النظام السوري لا يكترث بجوع المعتقلين وموتهم، وهو غير مستعد لأن يخصص نفقات مقبولة لإطعامهم ورعايتهم صحياً.

وأوضح أن الحصيلة المرتفعة للموتى في المعتقلات السورية، سببها الأبرز عدم توفر الرعاية الصحية، والتي تشمل نقص الغذاء، وعدم تنوعه.

وبحسب عبد الغني، فإن سياسة التجويع متبعة في سجون النظام السوري منذ ما قبل تفاقم الأزمة الاقتصادية، مشيراً إلى صور الموتى التي سربها "قيصر" قبل أعوام، التي تظهر الوهن والضعف الواضح على المعتقلين.

وقال مدير الشبكة الحقوقية، إن التجويع سياسة مركزية ومعتمدة في كل سجون النظام، داعيا في هذا الصدد المجتمع الدولي إلى فتح ملف المعتقلين لدى النظام السوري.

وكان "محمد مدلج" المعتقل الذي أطلق سراحه حديثا من سجن "صيدنايا" (المسلخ البشري)، قد أكد في شهادته المروعة لـ"عربي21"، أن حصة المعتقل من الطعام على مدار اليوم لا تتجاوز ربع رغيف خبز، مبيناً أن "الجوع كان يحرم غالبية المعتقلين من النوم".

وتُقدر "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" أعداد المعتقلين في سجون النظام السوري بما يزيد عن 100 ألف معتقل ومغيب قسري، وتؤكد مقتل أكثر من 14 ألفا تحت التعذيب منذ اندلاع الثورة في العام 2011 وحتى مارس الماضي.