الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد

قال ابن عباس رضي الله عنهما: وقع في قلب أم شريك الإسلام وهي بمكة، فأسلمت، ثم جعلت تدخل على نساء قريش سرًّا فتدعوهن، وترغبهن في الإسلام، حتى ظهر أمرها لأهل مكة، فأخذوها، وقالوا لها: لولا قومك لفعلنا بك وفعلنا، ولكنا سنردك إليهم، قالت: فحملوني على بعير ليس تحتي شيء موطأ ولا غيره، ثم تركوني ثلاثًا لا يطعمونني، ولا يسقونني، فنزلوا منزلًا، وكانوا إذا نزلوا وقفوني في الشمس واستظلوا، وحبسوا عني الطعام والشراب حتى يرتحلوا، فبينما أنا كذلك إذا بأثر شيء بارد وقع علي منه ثم عاد، فتناولته، فإذا هو دلو ماء، فشربت منه قليلًا ثم نزع مني، ثم عاد فتناولته، فشربت منه قليلًا، ثم رفع، ثم عاد أيضًا، فصنع ذلك مرارًا حتى رويت، ثم أفضت سائره على جسدي وثيابي، فلما استيقظوا إذا هم بأثر الماء، ورأوني حسنة الهيئة، فقالوا لي: انحللت فأخذتِ سقاءنا فشربت منه؟ فقلت: لا والله ما فعلت ذلك، كان من الأمر كذا وكذا، فقالوا: لئن كنت صادقة فدينك خير من ديننا، فنظروا إِلى الأسقية فوجدوها كما تركوها، فأسلموا لساعتهم(

 ففي عصور الإسلام الفاضلة اشتهرت صحابيات وتابعيات ونساء فقيهات عالمات وأديبات وشاعرات حملن لواء الدعوة والعلم وانطلقن ينشرون في أرجاء المعمورة فانتفع بعلمهن الكثير، فكانوا أقماراً وشموساً ساطعة في سماء الإسلام .

إن الدعوة إلى الله أمر إلهي، وفرض رباني، شمل النساء والرجال على حد سواء، بأمر صريح من رب الأرض والسماء، الذي قال عز من قائل في محكم التنزيل:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل:125]، وقال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة:71]، والدعوة إلى الله هي عمل الأنبياء، وجهد الأتقياء، فكان كل نبي يدعو قومه ثم إذا مات بعث الله نبيًا غيره؛ ولكن ببركة خاتم الأنبياء ألبس الله هذه الأمة تاج النبوة، وشرف الدعوة إلى الله، فكل مسلم مكلف بها بحسب علمه، وقدرته، وطاقته.

والدعوة إلى الله أمر موجه إلى الرجال والنساء على حد سواء، وحث عليها القرآن والسنة النبوية الشريفة، وحين تتحمل المرأة مسئولية هذه المهمة فإن عليها أن تعمل وتنطلق في عملها من قيم وتعاليم الإسلام، وقد صنعت الرسالة المحمدية داعيات إلى الله منذ بداية انطلاقها، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول في السيدة خديجة رضي الله عنها في الحديث: «لا والله، ما أبدلني الله خيرًا منها؛ آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذا حرمني الناس، ورزقني الله منها الولد دون غيرها من النساء»

الضوابط والشروط التي يجب أن تتحلى بها المرأة الداعية؟

- الدعوة مسئولية كبيرة تقع على عاتق الداعية، وعلى قدر عظم المسئولية والهدف، يكون البذل والتضحية، وعليها التحلي بمجموعة من الصفات حتى تستطيع الوصول إلى عقول الناس وقلوبهم، وهذه الصفات سنذكر بعضها، حتى تحاول أن تتزين بها، لتكون عوناً لك في التقرب إلى الله، ولتكون مثالاً يحتذى به، ومنها:

أولاً: الإخلاص..فإن الله عزوجل لا يقبل من العمل إلا ماكان خالصاً  لوجهه موافقاً لشرعه حتى يكلل العمل بالتوفيق والبركة .

ثانياً: استحضار معية الله بكثرة العبادة والتقرب إلى الله، يجعلانك تستشعرين معية الله، وهذا الشعور يعطي القوة والثقة والثبات على طريق الدعوة .

ثالثاً: التفقه في الدين.. فمن يرد الله به خيراً يفقهه في الدين، ولأن فاقد الشيء لا يعطيه فلابد من التزود بالعلم والفقه حتى لا تقعي في مأزق خطير واحذري الحديث في شيء بدون علم أو الفتوى بدون فقه ومن قال : لا أدري فقد أفتى

رابعاً: الصبر.. زاد الدعاة العاملين ومن قبلهم الأنبياء والمرسلين وطريق الدعوة طويلة والسير فيها شاق وفيه الكثير من الابتلاءات فالصبر الصبر وإياك والاستعجال وعلمي حبيبتي الداعية أن الدور الذي تقومين به خطير، نعم وهو محاولة نشر القيم الإسلامية النبيلة، مثل البر والرحمة والمودة والإيثار والحب والعطاء، حتى نكون مجتمعاً مسلماً متماسكاً، يستطيع النهوض بمجتمعنا الإسلامي، ولن نستطيع ذلك إلا من خلال العلم والدين؛ العلم الصحيح الذي يبني مجتمعنا، ويرتقي به.