لم تكن مؤسسة القضاء في مصر بمنأى عن الفساد الذي استشرى في كل القطاعات طيلة العقود الماضية، بل كانت السلطة القضائية محط أنظار رجال المخلوع مبارك للحصول على الوجاهة الاجتماعية لهم ولذويهم، بل كانت مرتعًا للرشوة والمحسوبية؛، فأصبحت مقاعد النيابة العامة والنيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة بالوراثة أو بالرشوة .
ويكفي هذه المؤسسة عارًا وشنارًا ماقام به المستشار عبدالمعز إبراهيم في فضيحة تهريب الأمريكان المتهمين فى قضية التمويل الأجنبي للجمعيات الأهلية برعاية المجلس العسكرى ! ، وفضيحة تزوير الانتخابات لصالح أعضاء الحزب الوطني عن طريق القضاء، وهو ماشهدت به المستشارة نهى الزيني في حينه . 
أما فضيحة التسريب الشهير الذي أذاعته قناة مكملين منذ فترة .. فقد ظهر من خلاله طلب اللواء عباس كامل مدير مكتب السيسي آنذاك من اللواء ممدوح شاهين مساعد وزير الدفاع للشئون الدستورية والقانونية وعضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة إقناع القاضي الذي ينظر قضية سيارة الترحيلات بالسماح لدفاع المتهمين بتقديم شهود يدعمون موقف الضابط القاتل "إسلام عبد الفتاح حلمي السيد"، حيث يقول اللواء عباس كامل في هذا التسريب: «ما تشوف يا افندم القضية بتاعة الكام وتلاتين واحد اللي ماتوا دول .. اللي كانوا في عربية الأمن المركزي دي .. كانوا طالبين شهادة ناس زمايله والقاضي مش راضي .. الواد هيموت» . 
وكان رد اللواء ممدوح شاهين: «أنا هكلم له القاضي.. هجيبهم له .. لا حاضر ! ».
وهو ما عرف يومها بالحكم بعد المكالمة وليس بعد المداولة .
وهو ما يثبت بما لايدع مجالاً للشك تسييس القضاء المصري واستخدامه كعصا في يد النظام الانقلابي لمعاقبة كل من يعارض الانقلاب العسكري .
ومن الفضائح  الشهيرة كذلك .. قضية المستشار وائل شلبي أمين مجلس الدولة الذى مات منتحرًا في محبسه بناءً على الرواية الرسمية للنظام بأنه انتحر بكوفية كانت على رأسه بعد تورطه في واحدة من أكبر قضايا الفساد القضائي مع مدير مشتريات مجلس الدولة جمال اللبان فى يناير 2016 .
أما فضيحة المستشار رامي عبد الهادي رئيس محكمة جنح مدينة نصر فقد قبض عليه بعد اتهامه بتلقي رشوة جنسية مقابل إنهاء قضية منظورة أمامه بعد تقديم سيدة سورية بلاغاً إلى الرقابة الإدارية تتهمه فيه بطلب رشوة جنسية منها مقابل إنهاء قضية لها ينظرها، وأرفقت ببلاغها نسخة من المكالمات الهاتفية المسجلة بينها وبينه، وقال عن هذه التسجيلات «شائعة إخوانية» وانتهى الأمر بتسوية مع النيابة تقضي بتقديم استقالته مقابل حفظ القضية وعدم حبسه بعد تدخل أحمد الزند ! .
وأما المستشار طارق محمد زكي مصطفى رئيس محكمة جنح مستأنف ديرب نجم بالشرقية فقد اكتشفه كلب بوليسي داخل نفق الشهيد أحمد حمدي بمحافظة السويس ، واعترفت الطالبة المتهمة في القضية والتي كانت برفقته أن القاضي اتفق على نقل المخدرات لصالح أحد الأشخاص قرب رأس سدر بجنوب سيناء ! .
ومع كل ذلك الفساد والرشاوي يخرج علينا نائب عام الانقلاب ليحدثنا عن نزاهة القضاء قائلا : "ترتيب مصر في النزاهة وطهارة القضاء واستقلاله من الدول الـ 10 الأولى في العالم !! ، وأن القيم والتقاليد القضائية سبقنا فيها العالم كله !! .
ولا أدرى إلى أي شيءٍ استند هذا النائب العام .. إلا إذا كان هذا الترتيب من تصانيف بير السلم؟!!
إنه بالرجوع إلى مؤشر مشروع العدالة العالمية “WJP” 2021 تبين أن تصريحات نائب عام الانقلاب"مُضللة" !!. 
فقد سجل مؤشر هذا العام لسيادة القانون انخفاضًا في النتيجة الإجمالية لجمهورية مصر العربية بنسبة 8.2 % ، وتضع النتيجة جمهورية مصر العربية في المركز 8 من أصل 8 مراكز للدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا !! .
 وفي المركز 34 من أصل 35 مركًزا في الشريحة الدنيا من الدول والمقاطعات متوسطة الدخل !! .
 وتحتل مصر المرتبة 136 في الترتيب العالمي للدول الأكثر احترامًا للقانون ونزاهة القضاء من بين 139 دولة شملهم المؤشر !! .
واحتلت الترتيب 130 من 139 بين دول العالم في العدالة المدنية ! ، والترتيب 109 من 139 في العدالة الجنائية بحسب التقرير السنوي لمؤسسة مشروع العدالة العالمية !! .
ويعتبر مؤشر مشروع العدالة العالمية “WJP” 2021 مصدرًا موثوقًا للبيانات الأصلية والمستقلة حول سيادة القانون في العالم ، ويغطي المؤشر 139 دولةً وسلطةً قضائية .
والمضحك المبكي أن  مصر تراجعت أحد عشر مركزا باحتلالها للمرتبة الـ 136 عالميًا ! حيث احتلت المركز 125 في مؤشر مشروع العدالة العالمية “WJP” 2020 .
ففي الوقت الذي احتلت فيه دولة الإمارات العربية المتحدة  المرتبة 37 من أصل 139 دولة على مستوى العالم ، وجاءت بعدها الأردن وتونس ، بينما احتلت لبنان وإيران ومصر أدنى المراتب في المنطقة ! .
وما قاله نائب عام الانقلاب ما هو إلا كذب من رجل قضاء كفيل بإحالته إلى لجنة الصلاحية . 
فهناك 60 ألف معتقل في سجون الانقلاب يفتقدون لأبسط قواعد العدالة ، فضلاً عن ألاف المعتقلين والمحتجزين احتياطياً من دون محاكمات ، ناهيك عن الإخفاء القسرى والتعذيب الممنهج فى أقسام الشرطة وأماكن الاحتجاز وسوء المعاملة والقتل خارج إطار القانون كما حدث في مقتل خمسة من الشباب بزعم أنهم قتلة الباحث الإيطالي جوليو ريجيني بالرغم من أن البرلمان الإيطالي  _ عبر لجنة تحقيق خاصة _ وجه التهمة رسميًا لأربعة ضباط بالأمن الوطني المصري .
وكان يجب على نائب عام الانقلاب هذا أن يتوارى خجلاً للانتهاكات التي تحدث يوميًا تحت سمعه وبصره دون أن يحرك ساكناً ، كما أنه لم يقم بواجبه في مراقبة السجون والمعتقلات وأماكن الاحتجاز التي تحولت إلى مسالخ بشرية .
وبعد كل هذه الفضائح يخرج نائب عام الانقلاب ليحدثنا عن نزاهة القضاء ؟!! 
اللهم احفظ مصر وأهلها من كيد الظالمين .