خالد يونس

حظيت مؤلفات فقيه العصر الإمام د. يوسف القرضاوي، رحمه الله تعالى، باهتمام كبير من الباحثين في مختلف تخصصات العلوم الشرعية الإسلامية والفكرية والأدبية؛ فجعلوا منها محوراً لموضوعات رسائلهم البحثية التي تقدموا بها للحصول على درجتي الماجستير الدكتوراة في مختلف الجامعات العربية، وفيما يلي نلقي الضوء على بعض هذه الرسائل:

1- منهج د. يوسف القرضاوي في تجديد الفقه الإسلامي:

كان هذا العنوان الذي نال به الباحث أكرم رضا مرسي درجة الماجستير في الشريعة الإسلامية من قسم الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة، في 26 شوال 1428هـ/ 7 نوفمبر 2007م.

وقد ذكر الباحث أن سبب اختياره للموضوع يرجع إلى عدة أمور، من أهمها الانتشار الواسع للدكتور يوسف القرضاوي، سواء على مستوى مؤلفاته، أو أحاديثه المذاعة والمرئية، وفتاواه أو أعماله المتعلقة بالفقه، سواء على مستوى المجامع الفقهية أم المؤسسات التي تهتم بالفقه وأصوله؛ ما جعل دراسة منهجه في التجديد حرثاً في حقل خصب، تؤمل ثماره، وينتظر خيره.

وضمن نتائج البحث توصل الباحث إلى أن د. القرضاوي استكمل مقومات الاجتهاد وتوافرت فيه شروطه، حتى استطاع أن يدلي بدلوه في كافة القضايا، مستنبطاً مباشرة من الكتاب والسُّنة، من غير اعتماد على مذهب معين أو عالم محدد.

2- ملامح الفكر التربوي الإسلامي عند القرضاوي:

تحت عنوان «ملامح الفكر التربوي الإسلامي في ضوء كتابات الشيخ يوسف القرضاوي» كانت رسالة الماجستير المقدمة من الباحث محمد صالح إبراهيم البيك إلى جامعة غزة، التي استهدفت بيان ملامح الفكر التربوي الإسلامي في ضوء كتابات الشيخ، والكشف عن العوامل التي أسهمت في تشكيل شخصية الشيخ، رحمه الله، والتعرف إلى خصائص التربية الإسلامية في ضوء كتاباته، والكشف عن نظرة القرضاوي للعلم، وإبراز تصوره للقيم، والوقوف على نظرته في التعاطي مع قضايا المرأة، ونظرته للتغير الثقافي والاجتماعي.

3- منهج التجديد وأثره في الإصلاح عند الشيخ يوسف القرضاوي:

تحت هذا العنوان كانت رسالة ماجستير بكلية دار العلوم جامعة القاهرة، تقدم بها الباحث إبراهيم حسن عبدالله التركاوي، أوضحت أن التجديد الديني يعني عودة الإسلام إلى ما كان عليه في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم والصحابة من بعده، ووصف الباحث في رسالته العلاَّمة د. القرضاوي بأنه متعدد المواهب في الكثير من العلوم مثل الشعر والخطابة والدعوة والفقه والتفسير وعلم اللغة وأصول الدين وعلم النفس والاجتماع والتربية والاقتصاد والسياسة.

4- القرضاوي نموذجاً لعلماء الوسطية:

كما ناقش الداعية الإسلامي د. أكرم كساب، الأمين العام لرابطة تلاميذ القرضاوي، في 26 من ذي القعدة 1432هـ/ 24 أكتوبر 2011م، رسالة دكتوراة بجامعة مكة المكرمة المفتوحة حول «وسطية الإسلام ودور العلماء في إبرازها.. القرضاوي نموذجاً»، وكان مما توصلت إليه الرسالة أن الشيخ القرضاوي أبرز دعاة «الوسطية»؛ لما اتسمت به دعوته بالمنهج الوسطي، الذي لا يعرف الإفراط ولا التفريط.

5- الاجتهاد المقاصدي في فتاوى القرضاوي:

«فتاوى القرضاوي في الحكم والسياسة والاجتهاد المقاصدي» كان عنوان الرسالة المقدمة من الباحث عبدالسلام آيت سعيد إلى جامعة الجزائر لنيل درجة الدكتوراة، ومما خلصت إليه أن منهج الشيخ في الإفتاء المقاصدي يقوم على التيسير وعدم التعسير، والاعتماد على الحجة والدليل، والتحرر من العصبية والتقليد، والانتفاع بالثروة الفقهية للمذاهب المعتبرة، وعلى مخاطبة الناس بلغة عصرهم، والاهتمام بما يصلح شأنهم والإعراض عما لا ينفعهم، والاعتدال بين الغلاة والمقصرين، وإعطاء الفتوى حقها من الشرح والإيضاح والتعليل.

كما خلصت إلى أن أغلب فتاوى الشيخ القرضاوي تكون مربوطة بذكر المقصد والحكمة والغاية منها، وهذا ما جعلها تحظى بقبول عام من جماهير المسلمين، في جميع أصقاع العالم الإسلامي، وأن الشيخ القرضاوي من المفكرين القلائل الذين يجمعون بين محكمات الشرع ومقتضيات العصر، كما أن كتاباته تميزت بما فيها من دقة الفقيه، وإشراقه الأديب، ونظره المجدد، وحرارة الداعية.

6- الطابع الأدبي في خطابة القرضاوي:

أما الباحث سيد هريدي سيد محمد فكانت أطروحته لدرجة الماجستير حول «الطابع الأدبي في خطابة الدكتور العلاَّمة الشيخ يوسف القرضاوي»، وقد نوقشت في 22 فبراير 2006م بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، وقد كشفت الرسالة النقاب عن جوانب الموهبة المتميزة لدى فضيلة العلاَّمة القرضاوي منذ الصغر، التي من مظاهرها أنه يعد أحد شعراء الدعوة الإسلامية في العصر الحديث، وقد نظم قصائد وأناشيد رددها دعاة الإسلام فأيقظت القلوب بالإيمان وأشعلت الأرواح بالجهاد، ومن شعره قصيدته النونية، وهي أشبه بملحمة تصور محنه وآلامه.

كما سلطت الرسالة الضوء على الطابع الأدبي للعلاَّمة القرضاوي في خطاباته، ما يدل على منزلته ومكانته بين الخطباء المعاصرين له من ذوي الأثر والتأثير في النهضة الخطابية المعاصرة، وخلصت الرسالة إلى عدة نتائج، منها:

- الإخلاص في تبليغ الدعوة، التي اعتبرتها الرسالة من أهم أسباب نجاحها، في وقت هبط فيه مستوى كثير من الدعاة بسبب أن بعض الذين يلتحقون بميدان الدعوة كانوا يعدونها وظيفة ووسيلة من وسائل السعي على المعاش، ولا يعدونها رسالة يخلص الداعي في أدائها، ويتفانى في تبليغها ونشرها، وقد تبين ذلك من خلال كثرة الخطب التي تهتم بقضايا الأمة وآلامها، التي كرس لها الشيخ زهرة عمره في التعبير عنها.

- خطب القرضاوي من الخطب الأصيلة التي تعالج قضايا الأمة الإسلامية ومشكلاتها، من وجهة نظر داعية إسلامي غيور على دينه وعلى أمته، بل على الإنسانية جمعاء.

- مراعاة الخطبة لمقتضى الحال، فإما أن تكون قصيرة موجزة إن كان موضوعها سهل التناول خالياً من المعارضة والتنازع، أما إذا كان الموضوع شائكاً يتعلق بأمر فيه اختلاف فتكون طويلة لتشمل سائر جوانب الموضوع.