نظمت هيئة علماء المسلمين في لبنان، وقفة علمائية تضامنية لتثبيت وقف إطلاق النار في مخيم "عين الحلوة"، تحت شعار "مخيّم الثبات؛ عين الحلوة، الدين، الرحم، الجوار".
وأوضحت الهيئة بأن الأحداث العنيفة التي تجري في مدينة "صيدا ومخيماتها" تعتبر غير قانونية من الناحية الشرعية والقانونية، وتمثل انتهاكًا للقوانين وجريمة قانونية، وتعرض القيم الأخلاقية للخطر، وتشكل مأساة إنسانية مؤلمة، بالإضافة إلى أنها تحمل أبعادًا سياسية مشبوهة.
وفي بيان صادر عن الهيئة، تم التأكيد على أنها قامت بالتعاون مع "رابطة علماء فلسطين" في محاولة لوقف التصاعد العنيف للأحداث، حيث قام وفد مشترك بزيارة المخيم وتواصل مع "القوى الإسلامية" و"منظمة التحرير" بهدف دعم وقف إطلاق النار، وقد استمر هذا الوقف لمدة شهر.
ولكن بعد تجدد الاشتباكات الأخيرة وعدم الالتزام بأي تفاهمات أو مبادرات سابقة، قررت الهيئة الانخراط بقوة في مجهودات الأصدقاء والمؤيدين للشعب الفلسطيني، والذين يشتركون في السعي لحل القضية الفلسطينية. تأتي هذه الخطوة في إطار مؤتمر علماء المسلمين التضامني الذي يهدف إلى تعزيز الجهود المشتركة لمساعدة الشعب الفلسطيني.
نصّ البيان:
*عين الحلوة؛ حقوق الدين والرحم والجوار"
إن ما بين صيدا ومخيماتها، هو امتداد لما كان بين صيدا والجليل على امتداد التاريخ، والذي عززه بناء مخيم عين الحلوة سنة ١٩٥٢ بعد ٤ سنوات من النكبة، وها هي سبعون عاما من أخوة الدين وصلة الرحم وحقوق الجوار لا تزيدها الأزمنة والأزمات إلا قوة، قوة في التعاون على البر والتقوى وقوة في التضامن في أوقات الاجتياح والجراح.
يا أهلنا وإخواننا في المخيم،
إن هذه الأحداث الجائرة والجارية في مخيمنا أحداثٌ مُحرّمة شرعا ومُجرّمة قانونا ومُدانة أخلاقيا ومؤلِمة إنسانيا ومشبوهة سياسيا، إنها عملية اختطاف مسلح وعقاب جماعي طال ١٠٠ ألف فلسطيني ولبناني وسوري في المخيم ومئات الآلاف من اللبنانيين والفلسطينيين والسوريين في صيدا والجوار، والواجب تثبيت وقف إطلاق النار بشكل غير مشروط، تهيئة للأجواء اللازمة لتسليم المتهمين وإحقاق العدالة، ولتأمين عودة اللاجئين المُشرّدين الذين هم الحلقة الأضعف في هذا القتال العبثي في الشكل، ولكنه المرتبط بأجندات "أمن الطاقة شرق المتوسط" في الجوهر.
الكل يعلّم أن غالبية الإسلاميين ليسوا طرفا في القتال، والكثير من الفصائل الفلسطينية أيضا، ومع ذلك فقد أسفر القتال عن عشرات الضحايا والجرحى وعشرات آلاف النازحين وعن تدمير همجي لأحياء كاملة، وقصف عشوائي لم يسلم منه الجوارَين المدني والعسكري، ومع مُراكمة الخسائر البشرية والمادية والمعنوية مع كل اشتباك.
ومنذ بداية الأزمة والهيئة تتواصل مع "القوى الإسلامية" المُعترَف بها من الشعب الفلسطيني والقوى السياسية والرسمية اللبنانية، والتي تُعتبر "الشريك الاستراتيجي" لمنظمة التحرير والفصائل الفلسطينية في ضمان أمن المخيم ومصالحه وحقوق أهله عبر "هيئة العمل المشترك"، والهيئة تدخلت كوسيط للتهدئة بالتواصل مع عُقلاء "منظمة التحرير" وليس اصطفافا مع أي طرف ولا كجهة تفاوض مع أحد وليست ضابطة عدلية لجلب المتهمين ولا جهة قضائية لإدانة أحد أو تبرئة أحد آخر، ولكنها في نفس الوقت ليست على الحياد بل منحازة بشكل كلي وواضح وصريح لعذابات المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا، الذين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء ويعضون على الجراح من ظلم ذوي القربى الذين انتهكوا كل القيم والمبادئ والأمانات والمسؤوليات.
ولأجل هؤلاء الأبرياء ولأجل فلسطين وانطلاقا من الواجبات الشرعية والإنسانية والنضالية، قامت "هيئة علماء المسلمين في لبنان" بالاشتراك مع "رابطة علماء فلسطين" - عند الجولة الأولى - بالدخول بوفد مشترك إلى المخيم والتواصل مع "القوى الإسلامية" و"منظمة التحرير" دعما لوقف إطلاق النار الذي صمد لمدة شهر، وبعد تجدد الاشتباكات الأخيرة وسقوط كل التفاهمات والمبادرات تتحرك الهيئة في سياق موآزرة جهود القوى الصديقة للشعب الفلسطيني والحريصة على القضية الفلسطينية والتي يأتي هذا المؤتمر العلمائي التضامني في سياقها، وصولا إلى الأهداف الآتية:
1- تثبيت وقف إطلاق النار بشكل دائم ونهائي وغير مشروط.
2- إفساح المجال لتحقيق العدالة ومحاكمة المتهمين.
3- إزالة أوزار الاغتيال والاقتتال والمظاهر المسلحة وعودة المسلحين إلى مراكزهم فورا.
4- تعويض المتضررين وإعادة الإعمار، ضمن خطة طوارئ فلسطينية لبنانية عربية إسلامية عالمية.
5- عودة الأهالي إلى منازلهم ومصالحهم والطلاب إلى مدارسهم.
6- طمأنة الجوار المتضرر من الاشتباكات والمتضامن مع المدنيين فقط، والغاضب من المتقاتلين والعاتب على المسؤولين.
7- عودة الحياة الطبيعية وتحريك العجلة الاقتصادية وتثبيت الاستقرار الأمني.
اللهم احفظ علينا ديننا ومدينتنا ومخيماتنا.
"هيئة علماء المسلمين في لبنان"
الأحد: 17 أيلول 2023
الموافق: 2 ربيع الأول 1445هـ