الصورة غير متاحة

 حسن القباني

لا يجد المرء مفرًّا في هذه الأوقات من توجيه الشكر إلى الكاتب وحيد حامد على تأليفه مسلسل "الحكومة" الذي أطلق عليه اسم "الجماعة"، وشكري له نابعٌ من مواجهته الساخنة مع الحكومة ومعركته التاريخية ضد أجهزة الأمن ونضاله القومي الرصين ضد أجهزة الرقابة للخروج بمسلسل الجماعة من بين فكي الأسد وعرضه في رمضان على التليفزيون الرسمي الحكومي أيضًا!.

 

وأنا أقدر غضبه العارم من الذين استشعروا تشويهه سيرة الإمام البنا في المسلسل، خاصةً أسرة الإمام الشهيد، التي بدأت ملاحقته قضائيًّا؛ لأن القانون في عهد الحزب الوطني لا يحوز على احترام حتى بعض المثقفين.

 

وأنا أعلم فيما قرأت أن الرجل بذل جهدًا خارقًا للعادة للاعتماد على مصادر موثوقة في كتابة المسلسل، خاصةً ما كتبه الدكتور رفعت السعيد عدو الإخوان اللدود، وهذا يعني أن هناك كثيرًا من القُراء ومحبي الإمام البنا أثقلوا على المؤلف كثيرًا، بسبب تمسكهم بمبادئ عفا عليها الزمان في عهد الحزب الوطني، وبدوا أنهم متشددون أكثر من المطلوب للدفاع عن رمز مصري نبيل يتعرض لمحاولة تشويه جديدة باسم الإبداع المنقوص.

 

ولذلك أنا أدعوه إلى تأليف مسلسل عن الشهيد عبد القادر عودة وآخر عن شهيد القرآن سيد قطب؛ استغلالاً لهذه الحالة الإبداعية العالية التي تحوطه تجاه الإخوان المسلمين، وأجدد شكري له.

 

ولا عجبَ إذن يا محبي الإمام البنا أن من تضع الحكومة- التي تناهض جماعة الإخوان المسلمين وتكره سيادة القانون- يدها مع كاتب لم يراعِ الدستور والقانون وحقوق الإنسان وغضب من اللجوء للقضاء وحكم القانون.

 

نعم لا عجب فالحكومة التي تُدمن ترويج الأكاذيب، وتحريف الحقائق، وإذاعة أنباء مختلقة عن جماعة الإخوان وجميع المصلحين الآخرين بمختلف توجهاتهم، لماذا لا تشتري مسلسلاً جاء إليها ساعيًا في نفس الإطار الذي تحبه وتعشقه، خاصةً وأنها مقبلة على انتخابات برلمانية؟!.

 

ورغم هذه الحملة الشرسة الجديدة فإن واجب الوقت يتطلب إثارة الحقائق حول تاريخ الجماعة من جديد وتوضيحها لعموم الجماهير، واتخاذ المسلسل فرصة؛ لأن الإخوان ليس في تاريخهم إلا النضال والجهاد والدعوة إلى الله بحكمة وموعظة حسنة راقية لطيفة، ويكفيهم أيديهم الطاهرة وطيبة قلبهم وحبهم لكل المصريين.

 

إن الطريق إلى التقرب السلطة الفاسدة في أعوام الحيرة القادمة سيخصم ممن يصرُّ على المضي فيه كثيرًا لدى المجتمع المصري المشتاق للمصداقية والصدق والإصلاح والتغيير، والتاريخ يدوِّن ولن يرحم مثقفًا باع قلمه لحزب الفساد.