ترشيح المرأة

ثم ننتقل أيها الأحبة إلى مسألة تالية مسألة أخرى هي قضية ترشيح المرأة في الانتخابات، تمثل الأمة في البرلمانات، في مجلس الشعب وغيرها، تلك القضية التي كَثُر فيها الكلام ووقف بعض الناس الإسلاميين منها موقفًا فيما أرى غير صحيح حين رأوا عدم جواز خروج المرأة للتصويت، أو للترشيح بحجة أن النبي- صلى الله عليه وسلم- نهى أن تتسلم المرأة منصب الولاية العامة، فقال حين بلغه أن الفرس ولوا عليهم ابنة كسرى فقال- صلى الله عليه وسلم-: "لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً".

 

وكذلك الذين يقولون خروج المرأة للتصويت أو للترشح يخل بالضوابط الشرعية المتعلقة باختلاط المرأة مع الرجال في المجتمع الإسلامي، فالمرأة إذا تقدمت للترشح أو التصويت ربما وقعت في بعض هذه المخالفات، أو صارت عضوًا في البرلمان، ربما تعرضت لمخالفة بعض الضوابط الشرعية، وبالتالي لا يجوز ترشحها أو انتخابها.

 

وأقول أيها الأحبة: هذا كلام غير صحيح.

 

أولاً: لأن تمثيل المرأة أو ترشيح المرأة، وتقدمها لتكون عضوًا في البرلمان، ليس هو الولاية العامة التي جاء الحديث بالنهي عنها، إنما النيابة تدخل في باب الوكالة عن الأمة، والوكالة لا تعطي لأصحابها أية سلطة تنفيذية يمكن أن تدخل في الولاية العامة، ويمكن أن يقوم بهذا الدور الرجل، ويمكن أن تقوم به المرأة، تستطيع المرأة أن تعبِّر عن الأمة وعن حقوقها وعن واجباتها وتعمل على رفع الظلم عنها مثلما يستطيع الرجل.

 

وكذلك قضية احتمال أن تخالف المرأة المسلمة الضوابط الشرعية.

 

أقول: هذا الأمر قائم في ممارسة كثير من الأحكام الشرعية التي هي جائزة، ومع ذلك لم يقل أحد بتحريم عمل جائز، خوفًا من احتمال أن تقع مخالفة شرعية، المرأة تبيع وتشتري وتتعلم، وتكون طبيبة في المستشفى ومهندسة وممرضة ومعلمة في المدارس وغير هذا، وتختلط في كل هذا بالرجال، وتستطيع أن تحفظ نفسها من المخالفات الشرعية في كل هذه الأمور، وكذلك تستطيع أن تحفظ نفسها من المخالفات الشرعية في الخروج للتصويت والترشح للانتخابات، لا يجوز لنا أن نحرِّم المباح والحلال؛ خوفًا من احتمال وقوع المفاسد؛ فاحتمال وقوع المفاسد حاصل في كل حال وفي أي حال.

 

وبناءً على ما تقدم، فأرى أن القول بعدم جواز الترشيح لا دليل عليه ولا أصل يُعتمد عليه فيه، والأصل في الأشياء الإباحة، ومن ثم فلا مانع من ترشح المرأة للانتخابات النيابية وخروجها للتصويت مع ضرورة التزامها بالضوابط الشرعية، خصوصًا أن هذا الترشح يضع المرأة المسلمة في معركة تواجه فيها النساء غير الإسلاميات اللواتي تصدين لقيادة المرأة والتكلم باسمها وهن متورطات مع الموجة العالمية التي تريد إفساد مجتمعاتنا الإسلامية عن طريق إفساد المرأة.

 

إن دخول المرأة المسلمة حاملة "المشروع الإسلامي" إلى ساحة هذه المعركة- معركة مواجهة النساء الفاسدات اللواتي يردن إفساد المجتمع- وهي أقدر من الرجل على ذلك دخولها يعتبر مسألةً ضروريةً لتحقيق مقاصد الشرع والمحافظة على نقاء مجتمعاتنا الإسلامية وعلى وضع المرأة فيها وعلينا أن نساعد المرأة الإسلامية والمسلمة على أن تقود المجتمع النسائي نحو الإسلام بإذن الله تبارك وتعالى.

 

الحزبية والديمقراطية

وثمة شبهة تتردد عندما يتقدم الإسلاميون لطلب نيل ثقة الجماهير إذا يقول بعض الناس إن الإسلام ينكر تكوين الأحزاب، ويلزم أن تكون الأمة حزبًا واحدًا، وإنه في حالة نجاح الإسلاميين، فسوف يلغون الأحزاب القائمة، وينقلبون على الديمقراطية، وهم ينظرون إلى الديمقراطية على أنها سَلْم مؤقت، يصلون به إلى الحكم ومن ثم يلغون الديمقراطية، ويعودون إلى الاستبداد والديكتاتورية إلى آخر تلك الترهات والافتراءات التي لا أصل لها، والتي يرددها خصوم التيار الإسلامي ويفترونها، وهم يعلمون أنهم كاذبون فيما يرددون.

 

أما أن الإسلام يحرص على الحزب الواحد، فهذا كلام غير صحيح فإن المقصود هنا في العملية السياسية الحزب السياسي، والإسلام لا يمنع من تكوين الأحزاب السياسية وتعدد الآراء السياسية، الذي يمنع منه الإسلام تكوين أحزاب تدعو إلى تفريق الأمة وتمزيقها، وتجعل الأمة في حرب مع بعضها البعض، تلك هي الحزبية البغيضة الممقوتة التي فيها التعصب للرأي، ولو على حساب الحق ومحاربة الأحزاب بعضهم بعضًا..

 

أما العمل السياسي الذي هو مجال لتنوع الآراء، وتعدد الآراء وغيرها فهذا أمر طبيعي، لم يمنع منه الإسلام على الإطلاق والأحزاب السياسية بمفهومها المعاصر، يمكن أن نقول إنها كانت موجودة منذ أيام الإسلام الأولى، في حياة النبي- صلى الله عليه وسلم-، وبعد وفاته ولو لم تأخذ صفة شبيهة أو اسمًا شبيهًا باسم الأحزاب المعاصرة.

 

 نحن نعلم أن بعض الصحابة كانت لهم بعض الآراء التي تختلف مع بعض مواقف الصحابة الآخرين، وقد كانوا أسمى من أن يسموا أنفسهم أحزابًا، أو غير ذلك، لكن خذ على سبيل المثال حين انتقل النبي- صلى عليه وسلم- إلى الرفيق الأعلى وأراد المسلمون اختيار الخليفة حصل اجتماع في سقيفة بني ساعدة حضره المهاجرون والأنصار، وحصل فيه أول خلاف سياسي يمكن أن تعتبره عملاً حزبيًّا سياسيًّا؛ إذ طلب الأنصار أن يكون الخليفة منهم، وطلب المهاجرون أن يكون الخليفة منهم، وأنا أسألك أيها الأخ الكريم: ما هو عمل الأحزاب السياسية الآن؟! أليس أقصى أعمال الأحزاب السياسية المعاصرة أنها تريد أن تستلم الحكم، وأن يكون الرئيس منها، وأن تكون الإدارة منها؟.

 

هذا هو ما حصل بالضبط، اختلفوا وقدم كل منهم حججه ومبرراته إلى أن وصل الغالبية إلى قناعة بأن يكون الخليفة من المهاجرين، وأن المهاجرين هم الأمراء والأنصار هم الوزراء وقبل الناس ذلك ومن تردد في النهاية قبل، ونزل على رأي الأغلبية، هذا هو العمل السياسي، ثم ظهرت الأحزاب السياسية بعد ذلك، وفي كل وقت كانت هناك فئات لها مطالب محددة وهو ما يفعله أصحاب الأحزاب السياسية، ومن هنا فلا مانع إطلاقًا في الإسلام من أن تقوم أحزاب إسلامية.

 

والقول بأن الإسلام لا يعرف إلا حزب الله، وحزب الشيطان، فهذا خاص بالأمور العقدية والأمور التي فيها شق لصف الأمة، وكل الأحزاب السياسية التي تؤمن بالقواعد الدستورية التي ترى أن الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع وأن دين الدولة هو الإسلام، ولا تخالف الإسلام في شيء من ذلك وتؤمن بصحيح الإسلام وقواعده، وإن حصل اختلاف في بعض مسائله الجزئية والفرعية الكثيرة، فكلها داخلة في مسمى حزب الله متى كان هدف أصحابها الوصول إلى الحق.

 

أما الحزب الذي نقول إنه حزب الشيطان، فهو الذي يرفع لواء وأد الشريعة، ومنع الإسلام، وحرب شريعة الله تبارك وتعالى، هذه هي الحزبية البغيضة الممقوتة.

 

ولهذا فالقول بأنه إذا نجح الإسلاميون في الانتخابات سوف يقيمون حزبًا واحدًا، ويلغون الديمقراطية هو قول كاذب غير صحيح، والذين يقولون بهذا بين الإسلاميين إن وجدوا فهم قلة نادرة تعيش على هامش الحركة الإسلامية وليس لها أدنى تأثير، أما الذين يتقدمون للعملية السياسية من الإسلاميين أصحاب الحركة الإسلامية، الراشدة الوسطية المعتدلة، فهؤلاء جميعًا يؤمنون بالتعددية الحزبية ضمن حدود الشريعة الإسلامية، ومن ثم فنجاحهم لن يؤدي أبدًا إلى أي استبداد سياسي؛ بل هم أكثر الناس اكتواءً بنيران الاستبداد، فكيف يتصور أن ينقلبوا مستبدين، بعد أن اكتووا بنار الاستبداد؟، إن هذا أمر غير وارد على الإطلاق، ولا يرد لا في كلامهم ولا في أدبياتهم، ولا في أقوال قادتهم.

 

إن الديمقراطية التي تقبل بها المجتمعات المعاصرة بصورتها، نقبل منها ما يوافق الإسلام، وهو حرية الرأي وإعطاء الأمة حقها في اختيار من تراه مناسبًا، وهذا كلام واضح لا بأس به؛ أن تُسمى هذه العملية ديمقراطية، أو لا تسمى، لا مشاحنة في الاصطلاح، هذه هي الشورى التي أرادها الإسلام، ونحن نرفض ونقبل بحسب ما يرفض ويقبل الإسلام، والديمقراطية بهذا المعنى لا تعارض الإسلام أبدًا، ولا يهمنا التسميات، المهم هو المضمون.

 

رفع الشعارات الإسلامية تسقط هيبة الدين

وثمة مسألة أخرى: إن رفع أصحاب الحركة الإسلامية لشعارات إسلامية تجلب في كثير من الأحيان استهزاءً بالدين من الخصوم وهذا يسقط هيبة الدين من النفوس، فمثلاً حين يرفع الإسلاميون شعار: "الإسلام هو الحل" يرد عليه بعض الجهلاء مثلاً: "بالطول بالعرض هجيب الإسلام الأرض"، كما تردد على ألسنة بعض الجهلاء، وكأن المرشح المنافس لهم هو الإسلام، وليس هو ذلك الشخص الذي يحمل المشروع الإسلامي.

 

البعض يقول: إذا كان الأمر كذلك، فإن الأولى بنا ألا نقحم الدين في المسألة وألا نتكلم عن الشريعة ولا عن الإسلام، ولا نرفع شعارات إسلامية أو دينية؛ حتى يبقى للدين قداسته، ويبقى للدين هيبته في نفوس الناس.

 

وأقول: إن مسألة الاستهزاء بالدين وبالإسلام على وجه خاص؛ بل مسألة الاستهزاء بالله: ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا (43)﴾ (الإسراء). مسألة منذ القدم، وسائل خصوم الإسلام وخصوم الدعوة الإسلامية في محاولة للنيل من الإسلام والمسلمين، ولا يمكن أن تكون سببًا في عدم طرح الشعارات الإسلامية أو رفعها أو عدم المطالبة بتطبيق مبادئ الإسلام، ولا يصح هذا.

 

لقد استهزأ اليهود بالحق تبارك وتعالى حين قال تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً﴾ (البقرة: من الآية 245)، فقالوا كما ذكر الله عنهم: ﴿إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ﴾ (آل عمران: من الآية 181)، لكن هل معنى هذا ألا نرفع هذا الكلام ما داموا يستهزئون ويقولون هذا أبدًا، بل نرد عليهم، وهذا الذي حصل فإن الحق جل وعلا لم ينسخ الآية الأولى من القرآن بحيث لا يقول اليهود هذا، أجابهم على استهزائهم بقوله: ﴿سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمْ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ﴾ (آل عمران: من الآية 181)، ومن واجبنا ما دمنا أصحاب مشروع إسلامي أن نرفع له شعارًا يناسبه وليس في ذلك أدنى حرج ولو أغضب ذلك بعض الجهلاء الذين نسأل الله أن يعاقبهم بما يستحقون أو أن يغفر لنا ولهم أجمعين إن شاء الله.

 

إنفاق المال العام على الدعاية

وينقلنا ذلك إلى مسألة أخرى وهي قضية إنفاق الأموال العامة على الدعاية، بمعنى أن بعض المرشحين ربما كان تابعًا لمصلحة معينة أو جمعية خيرية معينة، وتقوم هذه الجمعية أو هذه الهيئة العامة التي لها ميزانية من ميزانية الدولة، بعمل دعاية من مال الأمة أو الأموال العامة لهذا المرشح أو ذاك، هذا هدر للمال العام في غير محله؛ لأن الأموال التي وضعت في ميزانيات الأمة، وضعت لتحقيق مصالح الأمة لا لتأييد مرشح معين والأموال التي تلقاها أصحاب الجمعيات الخيرية بغرض إقامة أعمال صالحة للأمة، لا يجوز استخدامها في غير هذا الغرض، أما ما تفعله كثير من الهيئات حينما تسعى لتقديم الدعم من الأموال العامة في الدولة أو أموال الجمعيات الخيرية لنصرة مرشح معين فهذا إثم كبير وذنب عظيم، نسأل الله أن يبرِّئنا منها وأن يبرئ أمتنا منه إن شاء الله.

 

الهجوم الشرس على الإسلام يفرض الاتحاد والتعاون بيننا

وكلمة أخيرة أختم بها هذه القضية:

إن أمتنا تتعرض اليوم لأشرس هجمة، هجمة غير مسبوقة تستهدف دينها وهويتها وخصائصها الحضارية والثقافية جمعاء، هجمة طالت المصحف الشريف بالتدنيس، وطالت مناهج التعليم بالتحريف، وطالت الأجيال الإسلامية بالتخريب، وطالت عاداتنا وتقاليدنا بالإفساد، وتجرأت على قدسية ديننا بالتعديل، وعلى حرمة الصلاة بإمامة المرأة، هجمة تستهدف عالمنا الإسلامي والعربي بالإذلال والإخضاع، هجمة تستهدف التحكم بعالمنا الإسلامي والعربي وبمقدراته بقوة أسلحة الدمار الشامل التي تمتلكها قوى الاستكبار العالمية، هجمة تسعى إلى صناعة حكومات وأنظمة حكم ومجالس نيابية مذعنة وخاضعة لسياساتها وقراراتها؛ لتصل بذلك لفرض مشروعها الشرق أوسطي الأمريكي الصهيوني على منطقتنا بكاملها، وإن مواجهة هذه المخططات الأمريكية الصهيونية على المستوى السياسي أو الاقتصادي، أو الإعلامي أو التعليمي أو الاجتماعي أو الأخلاقي، صار فرض عين على كل فرد من أفراد هذه الأمة، مثلما يفعل جيل الحجارة في فلسطين، ويفعل المجاهدون في العراق، إن ساحة الصراع والتدافع، تفرض على الأمة كلها المشاركة في دعم جبهة الأبرار الصالحين أبناء الحركة الإسلامية، الساعين إلى رفع رأس الأمة إعادة مجدها، الساعين إلى تحقيق مصالح الجماهير، الساعين إلى حماية مقدرات الأمة، الساعين إلى محاربة الفساد المالي والإداري، الساعين بكل جهد مستطاع إلى إقامة الحق والعدل، وتحقيق تكافؤ الفرص إلى كل أبناء الأمة، وأن تكون الأمة كلها سواسية لا فضل لأحد على أحد، وأن يكون الناس جميعًا لهم نفس الحقوق، وعليهم نفس الواجبات، وألا تتحكم رؤوس الأموال في الأمة، وألا يتحكم المفسدون في مقدراتها إن من واجبنا أن نساعد هؤلاء الأبرار الشرفاء، الذين يتقدمون لحمل الأمانة ومحاربة الظلم والفساد بكل صوره وأشكاله، علينا أن نساعدهم بكل جهد مستطاع، إن التفرج ممنوع، وإن الهروب من المعركة أشبه بالتولي عن الزحف، وإنه في غيبة أهل الحق يرتع أهل الباطل، في غيبة أهل الصلاح يرتع أهل الفساد، في غيبة المصلحين يتحكم المفسدون، في غيبة الشرفاء الأطهار يتحكم اللصوص المرتشون، ويتحكم أهل الباطل، يتحكم العابثون بمقدرات الأمة.

 

للمشاركة السياسية أهداف عظيمة

إن خوض الحركة الإسلامية الانتخابات البرلمانية وغير البرلمانية كلما أتيحت لها الفرصة لذلك يحقق أهدافًا عظيمة منها:

 

أولاً: تثبيت حقهم في المشاركة السياسية، وحقهم في الوجود السياسي كغيرهم من الأطراف السياسية، وكغيرهم ممن يحكمون ويتحكمون، وإسقاط الفكرة الخبيثة القائلة بإقصاء الدين عن السياسة، أو بمنع العمل السياسي والحزبي على أسس دينية.

 

ثانيًا: إن من فوائد ذلك أيضًا: تسجيل حضور الصوت الإسلامي بثقافته وأفكاره ومعتقداته ومطالبه في مجال تدبير الشئون العامة للأمة ورفع الظلم والقهر عنها.

 

ثالثًا: وإن من فوائد المشاركة كذلك: إتاحة الفرصة للإسلاميين للاحتكاك المباشر مع جماهير الأمة، من خلال الدعاية الانتخابية، ومن خلال تدبير الأمة، ومتابعتها لمن تم انتخابهم.

 

رابعًا وأخيرًا: وبالإضافة إلى هذا فإن المشاركة في الانتخابات تمكن أصحابها من تحقيق الخبرات الكثيرة والتجارب والمهارات التي لا يمكن تحقيقها في الانكفاء والانكماش والانعزال عن مجرى حياة الناس ومشاكلها وقضاياها.

 

وإن من واجبنا أن نساعد الحركة في إيصال أعضائها؛ ليقوموا بهذا الواجب ليحققوا هذه الفوائد الكثيرة.

 

وإن من واجب الأمة ألا تقف متفرجة، وألا تستسلم لليأس والإحباط، وألا تقبل دعاوى اليأس، بحجة أن النتائج محسومة سلفًا، وبأنه لن يستطيع الإسلاميون أن يفعلوا شيئًا، وبأن القوة ورأس المال سوف يحققان أغراضها، وبأن سيكون هناك تزوير وغير هذا.

 

إن وقوفنا متفرجين وعدم مشاركتنا وهروبنا هو هروب من الميدان، وإن حماية صناديق الاقتراع من التزوير، وحماية إرادة الأمة من التزوير، لا يتحقق إلا بتدافع الجماهير إلى لجان الاقتراع، وإصرار الجماهير على أن تقول رأيها وتدلي بصوتها، وأن تعبر عن إرادتها وتختار من تراه مناسبًا.

وعلى الله قصد السبيل وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

----------------

* أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر، وعضو مكتب الإرشاد