أكد خبراء اقتصاديون وسياسيون أن الدراسة التي أعدَّها الحزب الوطني الحاكم، ونشرتها جريدة (الأهرام) منذ أيام تعدُّ دعايةً انتخابيةً لحساب الحزب قبيل انتخابات مجلس الشعب المقبلة، مشدِّدين على أن الواقع يُثبت كذب تلك الدراسة، وعدم دقة المعلومات التي استندت إليها، وضبابية الواقع الذي رصدته.

 

وكان الحزب الوطني أعد دراسةً تزعم أن حجم الاقتصاد المصري تضاعف خلال السنوات الخمس الأخيرة‏، وساعد الحكومة على تحقيق العديد من الإنجازات على الصعيد الداخلي‏، ‏ في مقدمتها مضاعفة الأجور، وزيادة المبالغ المخصصة لدعم السلع والخدمات الاجتماعية‏, ‏ فضلاً عن محاصرة البطالة، وتخفيض نسبة الدين العام إلى ‏68%‏ من الناتج المحلي الإجمالي‏، والأهم نجاح الاقتصاد الوطني في مواجهة آثار الأزمة العالمية!.

 

بدايةً يقول الدكتور علي حافظ منصور، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، إن دراسة الحزب الوطني لا تعبِّر عن الواقع الذي تعيش فيه مصر، خلال الفترة الماضية، وإن هذه الأرقام جاءت في سياق الأسعار الجارية وليس الثابتة، مشيرًا إلى أن ارتفاع الأجور لا يعطي مؤشرًا للدخل الحقيقي؛ لأن المواطن لم يتمتع بتلك الزيادة في الأجور، وإذا كانت الأجور زادت فإن الأسعار زادت أضعافًا مضاعفةً مقابل زيادة الأجور.

 

وأضاف أن القوة العاملة وتقليل نسبة البطالة أو تثبيتها يقاس بمدى استيعاب كل العمالة المؤهلة، التي تتخرَّج سنويًّا إلى سوق العمل؛ حيث تخرِّج الجامعات والمعاهد نحو مليون خريج سنويًّا، وإذا تم تشغيل جزء منهم، فإن معدل البطالة قياسًا على الزيادة السكانية قد زاد ولم ينخفض.

 

وأوضح د. منصور أن التنمية لا تقاس بزيادة الدخل النقدي، وإنما تقاس بمدى الاستفادة من الدخل، وبالمقارنة بين الناتج القومي وتمتع الأفراد بالسلع والخدمات، كما أنه من غير المنطقي التحدث عن التنمية بالزيادة النقدية؛ لأن الأسعار المرتفعة تأكلها.

 الصورة غير متاحة

 د. عبد الخالق فاروق

 

وأشار الدكتور عبد الخالق فاروق، الخبير الاقتصادي، إلى أن الأرقام التي أوردتها الدراسة مطلقة وغير دقيقة، كما أنها مقدرة بأسعار السوق، موضحًا أن الأجور زادت من الناحية النقدية بسبب زيادة العلاوات للعاملين في الجهاز الإداري للدولة، ولكن معدل التضخم زاد، وزيادة الأسعار تأكل قيمة الزيادة النقدية؛ لأن القيمة الحقيقية انخفضت بنسبة تتراوح بين 7 % إلى 12% خلال السنوات الخمس الماضية.

 

وأكد ازدياد حجم البطالة خلال السنوات الخمس الماضية إلى نسبة تجاوزت 25%، مشددًا على أن دراسة الحزب الوطني تعتبر من يعمل لمدة يوم واحد ثم يتوقف عن العمل لأي سبب، ضمن المشتغلين، وبذلك لا تقدِّر حجم البطالة الحقيقي الذي بسببه تُهدَر وتعطَّل القدرات العلمية والفنية في المجالات المختلفة، مضيفًا أن الدلالة الوحيدة لهذه الدراسة هي تجميل الوجه القبيح للنظام الحاكم.

 

وأشار د. محمد عبد الحليم عمر، رئيس مركز صالح كامل للاقتصاد بجامعة الأزهر، إلى أن الدراسة لا تعبِّر عن أي تحسن في أحوال الشعب المصري؛ لأن إحساس المواطن العادي يؤكد زيف القول من حدوث أي نوع من أنواع التنمية؛ حيث زادت حالات الفقر والبطالة ونسبة العجز في الموازنة العامة.

 

وأوضح عمر أن نسبة الدين المحلي خلال السنوات الخمس الماضية زاد 100 مليار جنيه، وتضاعفت الأسعار بشكل متوحِّش في مقابل زيادات طفيفة في الأجور، واصفًا تلك الدراسة بأنها "استهلاك سياسي للحزب الوطني".