تحيا مصر.. تحيا مصر، هتاف ردَّده المصريون الشرفاء يوم الثلاثاء 25 يناير 2011م، في انتفاضة شعبية في صورة أشبه ببداية ثورة، وصحوة شعبية منتظرة منذ سنوات طويلة؛ من أجل استرداد حقوق الشعب المنهوبة، وحريته المسلوبة، وكرامته المهانة على يد نظام ظالم فاشل ومستبد.

 

انتفاضة مستمدة من تجارب عربية قريبة جدًّا، كالتي حدثت في تونس "الخضرا"، وتسببت في إسقاط نظام الطاغية زين العابدين بن علي، كما أنها مستمدة أيضًا من تاريخ نضالي للشعب المصري لا يمكن لأحد أن ينكره، فكما يقول المتابعون إن هذا الشعب قد يمرض ولكنه لا يموت.

 

خرجت جماهير غفيرة من أبناء الوطن الغالي مصر تطالب بحقِّها في احترام إرادتها، وإبداء رأيها في نظامها الذي قبع على صدورها فترة غير معقولة لمدة تجاوزت 30 عامًا متصلة مليئة بالفساد والديكتاتورية والقمع والتعذيب والاستقواء بسلطة أمنية فاشية، طغت حتى أصبحت أداةً طيِّعةً في يد النظام، ولم تعمل يومًا من الأيام لصالح الشعب، بل كانت ولا زالت ضد الشعب في كلِّ مناحي الحياة.

 

وفي هذا الوقت الحرج تخرج صورة مضيئة لكلِّ فئات وطوائف الشعب عبر انتفاضة طافت شوارع وميادين العاصمة، وكذلك مدن مصر تطالب برحيل النظام وإسقاط الحكومة التي تملأ الدنيا تصريحات وردية عن تطوير سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي... إلخ، إلا أنك لا تجد لذلك أيَّ أثر في حياتنا.

 

أمل يتجدد بخروج المصريين إلى الشارع للتعبير عن إرادتهم الحرة، مؤكدين أنه لا أحد يستطيع أن يتصدى للشعب إن أراد يومًا أن يحيا حياة كريمة، ولذلك على الجميع من أبناء الوطن أن يدعموا هذه التجربة الرائدة التي بدأت أمس، ولا بد أن تستمر حتى تحقق مطالبها العادلة بتغيير النظام الحالي، والأوضاع التي ترتبت على وجوده، وخاصة إفساد الحياة العامة للمصريين، وارتفاع الأفراد فوق القيم العامة، وغيرها من الأمور التي نغَّصت على المصريين حياتهم، وأساءت لسمعة مصر وتاريخها أمام العالم أجمع.

 

النظام يسعى حاليًّا للتحكم بعقول المصريين عبر الرسائل السلبية التي يرددها، وخاصة باستخدام آلته الإعلامية البالية ورجاله المنبوذين؛ حيث يستخدم ما يسمى بالـMind control بداية من تصريحات وزير الخارجية التي قال فيها إن الحديث بأن ما حدث في تونس من الممكن أن يحدث في مصر هو كلام فارغ، وهو هنا يقلل من تحليلات المتابعين حتى لا يتأثر بها الشعب ويتحرك فعليًّا، ويحاول أن يفقده الأمل في أي تغيير ممكن الحدوث.

 

وكذلك ما بدأت فيه الآلة الإعلامية الحكومية، أمس، من التقليل من شأن ما حدث، ومحاولة التلفيق بأن هناك أصابع خارجية حرَّكته وتنظيمات داخلية أرادت سرقة التحرك الشعبي لهو أيضًا من محاولات التحكم في العقول حتى لا يستمر الشعب في التحرك، ويفقد هذا التحرك الشعبي صورته المضيئة الساطعة، ويتحول إلى مؤامرة على الوطن.

 

وعلينا جميعًا أن نعلي من قيمة ما حدث في مصر أمس ولا زال، بل وندعو إلى بثِّ روح الأمل، ورفع معنويات الشعب للاستمرار في النضال الشعبي السلمي الذي يقرُّه الدستور المصري وكل قوانين وأعراف العالم، والإقرار بأن هذا حقٌّ مكتسب للشعب، وهو الوحيد الذي يقرر متى يستخدمه؛ حيث لا وصاية لأحد على الشعب، وأن ما يفعله المصريون الآن شيء رائع، وتحرك تاريخي، واستمراره سيؤرخ لمرحلة جديدة من تاريخ مصر، خالية من الكبت والقمع، والاستبداد والفساد، والمحسوبية والتخلف، واحتكار السلطة والثروة لفئة بعينها، والانحدار الكبير في الحياة الاجتماعية والثقافية والأخلاقية، والتدني في التعليم والصحة، وعدم احترام الأحكام القضائية، بل مرحلة تبدأ بالأمل ورفع الروح المعنوية وستنتهي حتمًا بإذن الله بتحقيق مطالب الشعب العادلة.