إن للمعارضة دورًا  مهمًا في الحياة السياسية، وهي تعمل من خلال النقد البنَّاء وتقديم النصح وكشف الأخطاء وتقديم الحلول البديلة في إثراء الحياة السياسية، فهي إن لم تكن في الحكم فهي تقدم خدمة جليلة للوطن في وقف تغول الأغلبية وتصحيح مسارها، كان يكفيها شرف هذه المهمة "مؤقتًا" لتبقى محترمة في أعين الناس، غير أن النخبة أبت إلا أن تحكم، وليسقط الوطن في أزمات الفقر والإفلاس والبطالة وليزداد الفقراء فقرًا ولتذهب الديمقراطية إلى الجحيم. لهذا ولغيره الشعب خذل النخبة العلمانية بعد أن اجتهدت في تقديم الدستور في أسوأ صورة وأقبح هيئة، فإن كان هذا عن سوء فهم وعدم استيعاب فهي نخبة لا تستحق الثقة ولا شرف تَحَمُّل الأمانة ولا تستحقه أيضًا إن كان عن غش وتدليس وكذب على الشعب، فهي في الحالتين آثمة.

 

عندما تفشل المعارضة العلمانية في نيل ثقة الشعب ثم تتجه إلى الخارج- الأجنبي العدو المتربص- لكي يدعم توجهاتها فهذا دليل قاطع على أنه لا يمثل هذا الشعب ولكنه في الحقيقة مندوب المصالح الغربية في مصر. عندما تفتقد الحيلة في المسار الديمقراطي وتتحايل عليه بطلب وتحريض الجيش للتدخل في الحياة السياسية فهي توصم نفسها بعار الدكتاتورية وعدم القناعة بالديمقراطية، وأنها تريد أن تحكم بأي شكل كان، حتى لو كان بالتبعية للقيادة العسكرية، وهو أيضًا يدل على عدم أهليتها للقيادة، بل بالذيلية والتبعية للقيادة العسكرية.

 

لقد بدت النخبة صغيرة جدًا وتعاني المراهقة السياسية، وهي ترفض الحوار مع الحكومة، وتملي شروطًا لا تصب في مسيرة الديمقراطية ولا لمصلحة الشعب، بل تريد العودة إلى نقطة الصفر في مشهد ساذج جدًا يذكرنا بطفولتنا عندما يغضب فريق لهزيمته ويريد إعادة "الماتش" من الأول وإلغاء النتيجة، هل هذه نخبة يمكن وصفها ببلوغ سن الرشد؟!!!  ورفضها الحوار مع الحكومة هو استمرار لسياسة الإقصاء التي كانت تمارسها النخبة لكل ما هو إسلامي أو هو نوع من العزل السياسي الاستعلائي، وما بدا من النخبة سابقًا من القبول بالتحالف مع الإخوان أيام النظام السابق يكشف حقيقة هذا التحالف، أن النخبة كانت تتعامل مع الإخوان من منطلق أنهم ركوبة للوصول إلى السلطة، فقد كانوا يعتبرون الإخوان مقاول أنفار واسع العدد، ألا يدل هذا على انتهازية وتسلقية هذه النخبة.

 

عندما تزيف النخبة الوعي الشعبي بحقيقة الديمقراطية وبأن الأغلبية تحكم، فإذا بها تقلبها إلى مهزلة عبثية فتبث مع إعلاميها المرتزقة أن الأغلبية لا تحكم ولا تسيطر واخترعت فزَّاعة سيطرة الأغلبية، هل هذه نخبة تستحق ثقتنا أو أمانة المسئولية؟ ماذا لو حصلت هي على الأغلبية؟ هل الأقلية الإسلامية تحكم؟!!!!!.  هل هناك معارضة عاقلة تقف موقفًا معاديًا لدين الشعب الذي تريد أن تحكمه وإن كان هذا غير معلن فهو يظهر في سقطات ألسنتها وتبنيها مناهج تتصادم مع تعاليم دين هذا الشعب، ولأن هذه المعارضة في تكوينها الأغلب والأعم من بني ماركس، وبني ماركس في معظم الشعوب التي حكمتها كان ارتباطها بدينها ارتباطًا هامشيًّا بخيط رفيع جدًا فسهل عليها التخلي عن أديانها التي لم تشف غليلها ولم تحل مشكلاتها، ونخبتنا تريد أن تطبق  طريقة رفقائهم نفسه على شعب مصر المتمسك بدينه برباط شديد والذي يعلم أن دينه يتداخل في جميع مجالات حياته، ولهذا الشعب يأبى أن يكون طوع أمرها- إلا من التبس عليه الأمر- لذلك فإن هذه النخبة تلف حول رقبتها مشنقة سياسية ومجتمعية أيضًا.

 

  من عبط هذه النخبة أن تتهم الشعب بالجهل والأمية والفقر والعاطفية وأنه تم استقطابه بالزيت والسكر وبمشاعره الدينية بعد فشلها في خمس محاولات انتخابية واستفتائية في الحصول على أغلبية، فبدلاً من استرضاء الشعب، فإذا هي تشتمه، في الوقت الذي صوتت فيه بعض الدوائر لصالح الإسلاميين لا تنطبق عليهم هذه الصفات كالمصريين في الخارج والنقابات المهنية وهيئات أعضاء نوادي التدريس، هذا الأمر يعكس مدى بعد هذه النخبة وانفصالها المرضي عن الشعب وتوجهاته وأن تأهلها لموقعها النخبوي جاء بالتعيين الولائي للنظام السابق لا عن جدارة وكفاءة.

 

 يا لها من نكتة ونخبة هذه التي تقف في معسكر معاد وتنتظر تصويتًا لصالحها، نخبة تبدي تعاطفًا مع (إسرائيل) وتطالب بغلق الأنفاق لتضييق الحصار حول شعب شقيق لصالح شعب قد خاض في دمائنا واغتصب أراضينا، ثم تعمل على شيطنة فريق مقاوم بطل من شعب فلسطين ثم تدعي ولاءها للأمة ولدين الأمة، والله لا يصدق هذا إلا شلة من السكرانين. ثم هي تؤكد فشلها الشعبي باتجاهها للعنف وتحريض أتباعها وتأجير بلطجية وتصبح متورطة في دم عشرة من الإخوان المسلمين دليلاً على يأسها من التأييد الشعبي.

 

 وتكتمل النكتة بالتحالف مع الأقباط ضد الإسلاميين، ومع إباحية بعض الفنانين والمبدعين ضد شعب يحب التطهر والعفاف، ومع الفاسدين من فلول النظام السابق ضد الشعب الذين أذاقوه ويلات الفقر والمرض والجهل والتزوير، ثم مع لصوص أعمال النظام السابق ضد الشعب الذي سرقوا ثرواته واستغلوا حاجاته واحتكروا مقوماته، أي مع الجاني ضد الضحية. ألا يدل ذلك وغيره على انتهاء صلاحية هذه النخبة وأن التعاطي معها قد يصيبنا بالتسمم العقلي والأخلاقي؟! لهذا انصح بإعادة المنتج إلى دول المنشأ واستعادة فلوسنا وهويتنا.