طالعت ما كتبه “عماد الدين حسين” في صحيفة الشروق من مقال بعنوان: “الشامتون”. وكعادة مطبلاتية النظام لا يستطيعون توجيه النقد واللوم للنظام الفاشل، ولكنهم  يبحثون له عن شماعة ليعلقوا فشله عليها، والشماعة غالبا ما تكون جاهزة، وهى إما شماعة الإخوان أو الشعب نفسه.

فالفشل في سد النهضة بسبب الشامتين، وفي انتشار كورونا بسبب جهل الشعب المسكين. ووقفت على العبارة التى يقول فيها الكاتب: “من المحزن أن تجد مجموعة تحمل الجنسية المصرية، وتنتظر بفارغ الصبر أن تتعثر المفاوضات مع إثيوبيا بشأن سد النهضة؛ نكاية فى خلافهم مع الحكومة والنظام السياسى فى مصر”.

وبداية أقول: لا يمكن أن يشمت أبناء الوطن في وطنهم، ولكنها أوهام الإعلام الانقلابي الذى لا يعنيه إلا رضا الطاغية، حتى ولو كان على حساب أمن البلاد القومي.

وحاولَ- صاحب المقال- تذكيرنا بما قاله الشيخ محمد متولى الشعراوى- رحمه الله-  بعد هزيمة مصر أمام العدو الصهيونى سنة ١٩٦٧، حينما قال: «لقد سجدت لله شكرا أن مصر انهزمت، لأنها لو انتصرت لكان ذلك سيعنى انتصارا للفكر الشيوعى الذى كان يحكمها».

وأزيدك من الشعر بيتا، فقد قال الشيخ علال الفاسى المغربى- رحمه الله – “ما كان الله ينصر حربا يقودها قاتل سيد قطب”.

وأما بخصوص اتفاقية سد النهضة فقد قال “أحمد طنطاوى”، عضو برلمان العسكر: “إن الاتفاق الذي وقعه “السيسي” بشأن سد النهضة هو المشكلة الأكبر التي تواجهها مصر في الموقف الراهن.

وقال: تقدمنا بطلبات في البرلمان لمناقشة الاتفاقية، إما أن نوافق عليها فتصبح نافذة، أو نرفضها فتصبح كأن لم تكن، ولم يرد علينا”. ثم كيف يمكن للمواطن أن يعارض نظامًا “مسجل خطر”، لا يسمع إلا لصوت التطبيل.

وقبل أيام، أصدر «مكرم محمد أحمد» بيانا تحذيريا بشأن ليبيا وسد النهضة وكورونا وسيناء. وطالب بضرورة التزام جميع وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي  بالبيانات الصادرة عن الجهات الرسمية والمختصة، عند إذاعة أو نشر أخبار تخص الوضع في ليبيا، وسد النهضة، والعمليات الحربية التي تقوم بها القوات المسلحة الباسلة في سيناء ضد الإرهاب.

فمطلوب منك ببساطة شديدة أيها المواطن أن تلغى عقلك، وتسلمه لإعلام مسيلمة الكذاب، وتسمع لأكاذيب إعلام مأجور فاجر، وكأن أحدًا يجرؤ أن يكتب كلمة من غير علم الرقيب العسكرى!.

وللأسف هؤلاء ما زالوا يعيشون بعقلية الستينيات والإعلام الناصري، الذى قاد البلاد للهزائم والنكسات، في الوقت الذى أصبح فيه العالم قرية صغيرة!.

لماذا لا يسمح للإعلام المستقل بالدخول إلى سيناء، ونقل صورة حقيقية لما يحدث على الأرض، لكى يعلم الشعب الحقيقة. أم أن في الأمر شيئًا لا يريد النظام الانقلابي أن يطَّلع عليه الشعب؟!.

وللأسف ما زال مكرم محمد أحمد – أحد كهنة الحكم العسكري- يظن أن الناس تتلقى الأخبار من صحف صفراء عفى عليها الزمن، ومن أراجوزات الفضائيات..  صح النوم يا عم مكرم!.

لم يعد المواطن محتاجا لإعلام “فاهيتة” وذبابهم القذر، لكنه أصبح يتلقى الأخبار من مصادرها الموثوقة!.

أما المفاوض المصري الذى تطالبنى بالوقوف وراءه، فهو يتفاوض منذ التسعينيات فى اتفاقية عنتيبى، وهو لا يعنيه إلا الحصول على بدل السفر، ولا تعنيه مصلحة الوطن، فهل أقف خلف مثل هذا المفاوض “التَّعِس”؟

ولماذا لم نسمع صوت “عماد الدين حسين” حينما شيطن وخون إعلام المطبلين كل اختلاف في الرأي؟ وما حدث للدكتورة “منى مينا” منا ببعيد!.

منذ أن تم توقيع اتفاق إعلان المبادئ لسد النهضة، وجميع المختصين قالوا إن الاتفاقية كارثية على مصر، ولكن الإعلام الانقلابى ما زال يطبل، ولما خربت مالطة والبلاد مقبلة على كارثة، وقائد الانقلاب من ورطنا فى الكارثة، وفشلت الدبلوماسية الانقلابية في إدارة الملف، جئت لتحدثنا عن الشامتين، بل كان الواجب عليك أن تكتب عن أصل المشكلة، وضياع  ٧ سنوات في مفاوضات فاشلة، راهنت فيها إثيوبيا على عامل الوقت ونجحت، في الوقت الذى يطلب فيه قائد الانقلاب– في مشهد مأساوي– من “آبي أحمد” أن يقسم بالله العظيم ألا يسبب ضررًا لمصر، في فضيحة رآها العالم أجمع!.

ثم السؤال الأهم لكل المطبلين: هل حكومة الانقلاب أخذت رأي الشعب في التوقيع على إعلان المبادئ؟ وهل يعرف الشعب شيئا عن بنود الاتفاق؟.

ولله در الدكتور مصطفى السباعي الذى قال: لا يوجد للطغاة إلا ميزة واحدة وهى “لولا الطغاة لما عرفنا أدعياء الحرية من شهدائها، ولا أصدقاء الشعب من أعدائه، والْتبس على كثير من الناس مَنْ بكى ممَّن تباكى”.

لقد استطاع الطاغية أن يستخف قومه ليطيعوه، كما قال تعالى عن فرعون: (فاستخف قومه فأطاعوه ) فهم أي- الطغاة – يضعون الأوهام في عقول الأمة لتستسيغ وهم عظمتهم، وما يستسيغها إلا سفهاء الأحلام والسخفاء، وهؤلاء ترتبط حياتهم بحياة الطاغية ومصالحهم بمصالحه، فعبيد الطاغية يدافعون عنه إبقاءً على حياتهم لا على حياته.

وأخيرا  أيها المطبل: شتان شتان بين منتخَب ومنقلِب. المنتخَب الذى قال “إذا نقصت مياه النيل قطرة واحدة فدماؤنا هي البديل”، والانقلابي الذي لا همَّ له إلا البقاء في الحكم، ولو رهن الوطن كله، وفرَّط في مياه النيل، كما فرط في تيران وصنافير، وتنازل عن حق شعب بأكمله في الغاز.

أما أنتم يا من تدافعون عن الباطل، فأسوق لكم قول الله تعالى: “فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور”. ألا شاهت وجوه أناس حالفوا ظالما وخاب سعيهم.. ” إن لم تستحِ فاصنع ما شئت”.