تعتبر بريطانيا من الدول الغربية المتقدمة في التعامل مع قضية الحجاب مقارنة بفرنسا وغيرها، إذ حققت المرأة المحجبة في بريطانيا خطوات مهمة في الوصول لمراكز ووظائف سامية، كان آخرها نجاح المواطنة البريطانية المسلمة رافيا أرشد في تقلد منصب قاضية كأول سيدة محجبة تصل لهذا المنصب، لتضاف مهنة القضاء لقائمة من المهن التي نجحت المرأة المحجبة في الوصول إليها، كما هي الحال بالنسبة لمنصب عمدة مدينة، والعمل في جهاز الشرطة والأمن.

وتعدل بريطانيا من الدول الغربية القليلة جدا التي تقبل نساء محجبات في صفوفها، وهو يجعل باب الوظائف الحكومية مفتوحا نسبيا أمام النساء المحجبات، ويرسخ النموذج البريطاني في التعامل مع الأقليات ومن ضمنها الأقلية المسلمة.

ومنذ أيام تم  تعيين القاضية رافيا أرشد، في محكمة شؤون الأسرة، والذي كان له وقع إيجابي على الأقلية المسلمة في بريطانيا، واستأثر باهتمام إعلامي كبير، فهذه السيدة حققت إنجازا تاريخيا ربما سيفتح الباب لنساء أخريات، للوصول لمنصب قاضية وهن يرتدين الحجاب، بالنظر لما لهذا المنصب من تقدير وإجلال في المجتمع البريطاني، وتكشف القاضية أنه سبق وطلب منها البعض نزع حجابها إن أرادت الترقي في مهنتها.

وعلقت أرشد التي تمتلك 17 عاما من الخبرة القانونية على قرار تعيينها، موجهة خطابها للنساء المنتميات للجالية المسلمة وللنساء بصفة عامة بأن لا يكترثن بالمظاهر ولا يعبأن بالملاحظات والنظرة للمرأة المحجبة وحتى غير المحجبة "فقط اكسري كل القوالب والصور النمطية وحققي حملك وهدفك".

 

عمدة محجبة

رافيا أرشد لم تكن الحالة الوحيدة لاعتلاء المناصب لسيدات محجبات، إذ تعتبر راقية إسماعيل أول سيدة محجبة من أصول صومالية تصل لمنصب عمدة منطقة إزلنغتون شمال العاصمة لندن، وذلك بعد سبع سنوات من العمل في مجلس هذه المدينة، قبل أن تراكم خبرة وشعبية مكنتاها من تقلد منصب العمدة والمكلفة بكل المهام الشرفية في مدينتها.

وعلى غرار القاضية أرشد، فإن العمدة راقية إسماعيل، تؤكد أهمية الوصول لمثل هذه المناصب من أجل إلهام الأقلية المسلمة، وخصوصا المرأة المسلمة، ولا ترى في منصبها تشريفا شخصيا بقدر ما هو جسر للربط بين المرأة المسلمة والمحجبة وبين المجتمع.

وبالنظر لخبرتها في العمل التطوعي، لمدة 20 عاما، فقد تبنت العمدة منذ وصولها لمنصبها قبل عامين، سياسة صارمة في مساعدة المحتاجين، خصوصا أن الأقليات المهاجرة ولا سيما من ذوي البشرة السمراء تعيش ظروفا معيشية صعبة في بريطانيا، كما كانت من أشد المدافعين عن المهاجرين واللاجئين، وتصف نفسها بأنها "صوت من لا صوت له".

وتتذكر راقية بكثير من التأثر كيف أنها أصبحت تحضر حفلات الحصول على الجنسية وتقلدها المواطنين البريطانيين الجدد. وبعد أن وصل والداها إلى بريطانيا كلاجئين، ها هي اليوم تصبح عمدة وتشرف على حفل الحصول على جواز السفر البريطاني.

وتعتبر العمدة البريطانية أن أهمية أن تتولى سيدة مثلها منصبا قياديا، بالنظر لانتمائها للأقلية المسلمة وأيضا لكونها من ذوي البشرة السمراء، يجعلها تساهم في صنع القرار "عوض أن يتم اتخاذ القرار وتشريع القوانين من قبل أشخاص لا يعرفون أي شيء عن حياتنا"، بحسب قولها.