الأناضول
لا تزال مشاعر الصدمة والحسرة والغضب تغلب على قسمات وجوه الناجين من انفجار مرفأ بيروت، الذي أودى بحياة 149 قتيلا وأكثر من 5 آلاف جريح، بخلاف دمار هائل في المرافق والمنشآت والمنازل.

ورغم الأوجاع يحاول اللبنانيون القاطنون في محيط الانفجار تضميد جراحهم وتقليل خسائرهم الفادحة جراء تدمير الطرق والمنازل والمحال، في كارثة حلت على وقع أزمة اقتصاديّة قاسية، واستقطاب سياسي حاد، في مشهد تتداخل فيه أطراف إقليميّة ودوليّة.

والثلاثاء، قضت العاصمة اللبنانية ليلة دامية، جراء وقوع انفجار ضخم في مرفأ بيروت، أفادت تقديرات أولية أن سببه انفجار مستودع كان يحوي "مواد شديدة الانفجار"، وأعلنت على أثره بيروت "مدينة منكوبة".

أجرت "الأناضول" جولة ميدانية بين حطام البنايات المدمرة في محيط انفجار المرفأ بحي مار مخايل بالعاصمة اللبنانية، لتنقل شهادات حية من الناجين عن لحظات وقوع "هيروشيما" بيروت.

شهادات الناجين

تقول جورجيت كنعان (50 عاما): "اللحظات الأولى للانفجار ظننت أنها أصوات إطلاق رصاص، ونهضت سريعا لاستطلاع الأمر، وما أن وصلت للنافذة حتى سمعت صوت انفجار رهيب وسقطت الستائر وتناثر زجاج النافذة في وجهي".

تضيف كنعان: "لم يخطر ببالي في هذه اللحظة سوى ابني. قاومت الصدمة وسارعت لمعانقته، وما هي إلا لحظات وكثافة الدخان الاسود منعنا من رؤية بعضنا. لكني تشبثت به خوفا من مصير غامض".

وتابعت: "ابنتي عندما وصلت إلى منزلها في إحدى القرى وعلمت بقوّة الانفجار، لم تتوقع أنّ نخرج أنا وأخيها أحياء (..) رغم فرحة النجاة إلا أن الشعور بالحسرة لا يكاد يفارقني (قالتها باكية)".

فيما كانت ليلى مراد (صاحبة متجر/ 40 عامًا) تساعد أحد زبائنها على اختيار أدوات منزليّة، وقع انفجار المرفأ الذي قلت إنه "هدم الدنيا فوق رؤوسنا".

وقالت مراد: "استبق وقوع الانفجار سماع صوت طيران، ما هي إلّا ثوانٍ معدودة وصار وتحطم كل شيء وانطفأت الأنوار".

وبمراجعتها في مسألة صوت الطيران تؤكد مراد: "نعم سبق الانفجار صوت طيران، وما كانت سوى لحظات وحدث الانفجار الذي هز بيروت".

وتختتم قائلة: "أصابتي طفيفة بالمقارنة لمئات الجرحى. انقذت بأعجوبة. الحمد لله على النجاة".

وبينما عم الدمار والخراب مختلف أنحاء بيروت، لم يخطر على بال الشاب الثلاثيني جورج خوري، سوى إنقاذ عائلته المقيمة في محيط المرفأ.

ويقول خوري: "حاولت في البداية الاتصال بأهلي لكن جميع الخطوط كانت مقطوعة. فسارعت إليهم لكن حجم الدمار وجثامين القتلى حالوا دون وصولي في البداية. الصدمة كانت كبيرة جدا".

وتابع موضحا: "منزلنا بات بلا جدران، وانقذت أهلي من تحت الأنقاض، والبعض ساعدني على نقلهم إلى المستشفى في حالة حرجة. والدي لا يزال في غرفة العناية المركزة، بينما تحسنت حالة والدتي نسبيا".

ويضيف خوري باكيا: "اتخرب بيتنا ولم يكن أمامنا سوى نصب الخيام والنوم في الشارع".

وفي محاولة لتضميد الجراح، أطلقت جمعيّة "green orien" اللبنانية (غير حكومية) مبادرة تحت شعار "بيروت لا تموت" لدعم ومساندة ضحايا حادث انفجار المرفأ.

وتقول رانيا كنعان (متطوعة بالجمعية/ 25 عامًا) "الرسالة الإنسانيّة وحبّ بيروت دفعنا إلى الحضور لمساندة الضحايا، نتعاون من أجل رفع الأنقاض وإنقاذ الجرحى. رحم الله شهداء لوطن".

ومنذ الثلاثاء الماضي، اختفت البهجة من أرجاء البيروت التي اتشحت بالسواد حزناً على قتلاها وجرحاها، إضافة الى الخسائر المادية التي قدرت بين 10 الى 15 مليار دولار، بحسب تصريحات رسمية.