نظمت مؤسسة "مرسي للديمقراطية" مؤتمرا بعنوان "مرسي شهيد فلسطين"، عُقد في مدينة القدس المحتلة، اليوم الخميس، لإحياء الذكرى الثانية لرحيل أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر، لافتة إلى مواقفه الداعمة بقوة للقضية الفلسطينية.

وأشارت المؤسسة إلى أنها اختارت إحياء تلك الذكرى من القدس لـ "تتوجه بتحية إكبار وإعزاز للشعب الفلسطيني، ومقاومته الباسلة ضد العدوان الإسرائيلي على المسجد الأقصى، وحي الشيخ جراح، وغزة العزة. وتكريما للمرابطين والمقاومين والمدافعين عن حقهم المشروع في حياة حرة وفي وطن مستقل".

ولفتت إلى أنها "قررت تخليد الذكرى هذا العام تحت هذا الشعار تذكيرا بدور الرئيس الشهيد في دعم القضية الفلسطينية منذ شق طريقه للعمل العام أثناء دراسته الجامعية، وبعد تخرجه وعمله بالتدريس في الجامعة، ثم من خلال الهيئات والحركات السياسية والمجتمعية التي انتمى لعضويتها وتولى مواقع قيادية فيها، وكان آخرها رئاسته لحزب الحرية والعدالة قبل أن يتبوأ منصب رئاسة الجمهورية".

وقالت: "لم ينس أحد للرئيس الشهيد مواقفه الداعمة لفلسطين، ولم ينس أحد صرخته الداوية خلال العدوان على غزة عام 2012 (لن نترك غزة وحدها)، ولم ينس أحد جهوده السريعة لوقف ذاك العدوان بعد أسبوع واحد من بدايته"، مؤكدة أن "دفاع مرسي عن الحق الفلسطيني نابع من معتقداته وإيمانه بدور مصر العربي والإسلامي، وليس وليد عاطفة وقتية".

ودعت مؤسسة "مرسي للديمقراطية"، الأمم المتحدة، وكل الحكومات والشعوب الداعمة للحرية في العالم، لمساندة "حق الشعب الفلسطيني في التحرر والاستقلال، ووقف الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة بحقه".

"مجازر ضد الإنسانية"

وأضافت: "تابعنا ما صدر مؤخرا من أحكام نهائية بالإعدام على عدد من السياسيين والعلماء من خيرة الشعب المصري في مهزلة قضائية جديدة أقل ما توصف بأنها جريمة إنسانية، وإننا إذ نرفض تسيس القضاء وإعدام السياسيين من خيرة أبناء مصر نطالب العالم بكل مؤسساته وشعوبه بوقف هذه المجازر ضد الإنسانية".

كما دعت المؤسسة إلى "دعم ومساندة الشعب المصري في مسعاه لاستعادة المسار الديمقراطي الذي أرسته ثورة يناير، وضمنته دستورها الصادر عام 2012"، مطالبة بالإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين، ومن بينهم أسامة نجل الرئيس مرسي، الذي حُكم عليه بالسجن 10 سنوات".

"فقيد الأمتين العربية والإسلامية"

من جانبه، قال الرئيس التونسي الأسبق، المنصف المرزوقي،: "نحن هنا جميعا لنحتفي بالذكرى الثانية لاستشهاد الرئيس مرسي فقيد مصر، وفقيد الأمتين العربية والإسلامية. نحن هنا جميعا لنتذكر ما عاناه هذا الرجل طيلة السنوات التي اُعتقل فيها، والتي تعرض خلالها لأبشع التنكيل وأبشع انتقام من شخص لا يعرف معنى الشرف".

وأضاف المرزوقي، في كلمته بصفته رئيسا للمؤتمر: "نحن هنا أيضا لنتذكر آلام العائلة التي قاست، ومازالت تقاسي، من تبعات تلك الفترة الرهيبة. نحن هنا لنُذكّر بما عاناه الشعب المصري ومازال يعانيه تحت وطأة الاستبداد تحت بيادة حكم العسكر".

وتابع: "نحن هنا لنتذكر أيضاً أن هذا الرجل هو الذي كان له شرف التخابر مع حماس، ربما لا توجد في تاريخ تلك الأمة تهمة أكثر حقارة وخساسة ودناءة من مثل هذه التهمة. ها هم اليوم يتخابرون مع حماس، الأمر الذي يعني أنهم يعترفون بأن الرئيس الشهيد كان على حق عندما تخابر مع حماس، وهل يتخابر الأخ مع أخيه؟، لكنهم يعترفون ولا يعتذرون".

واستطرد المرزوقي، قائلا إن مرسي "لم يكن فقط على حق في قضية غزة، بل كان على حق في قضية مصر والثورات العربية، وفي قضية الإيمان بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وكل القيم التي عاش ومات من أجلها".

وتابع: "نحن هنا لنواصل الأهداف التي عاش ومات من أجلها. لنقول للعالم أجمع، وللمصريين، أن ذكرى مرسي لن تنتهِي. إننا مصرون عاقدون العزم على أننا سنتذكره دوما لن ننساه أبدا. مَن يعوّل على نسيان مرسي وشهداء رابعة، وأن الزمان سيمحو كل هذه الآثار فهو خاطئ. كل سنة سنحتفل بهذه الذكرى، وسنعود لذكراه، وسنواصل الكفاح والنضال".

رئيس لكل المصريين

بدورها، قالت أسرة الرئيس مرسي إنه كان بالنسبة لها "الأب والقائد الملهم والعائل والقدوة"، مضيفة: "تعجز الكلمات عن وصف الحال، لكنها تؤمن بأن دوام الحال من المحال".

واستنكرت الأسرة تأكيد الحكم على نجلها أسامة مرسي بالسجن لمدة 10 سنوات في قضية "فض رابعة"، قائلة: "(هذه) قضية يعلم العالم حقيقة ما حدث فيها، كما يعلم العالم كله لماذا زجّ بأسامة إلى السجن، ومن قبله نجلنا الشهيد عبدالله الذي لُفقت له القضايا حتى استقبلنا خبر وفاته في ظروف غامضة قبيل الذكرى الأولى لوفاة الرئيس وبعد بوفاته بأربعة أشهر".

وتابعت: "تربت أسرة الرئيس مرسي على حب هذا الوطن وحب قضايا أمتها ومقدساتها لا تفرق بين مسلم ولا مسيحي، كما كانت مبادئ الرئيس الشهيد أنه رئيس لكل المصريين وقائد عربي يحمل هموم أمته العربية والإسلامية، وقد كانت قضية فلسطين قضيته الأولي، بل كانت قضية حياته ثم حينما أصبح رئيسا للجمهورية سعى جاهدا لنصرة الشعب الفلسطيني وقضيته".

وأضافت في الكلمة التي قالها الإعلامي محمد جمال هلال نيابة عن الأسرة،: "لقد عاش الرئيس يربي فينا حب فلسطين وشعبها ويتوق بنا جميعا وبأفئدتنا إلى أن نزور المسجد الأقصى، وإن شاء الله نزوره قريبا حرا محررا. وإننا اليوم إذ نذكر وصياه لنا تجاه قضايا أمتنا نذكر أنه كان محبا لكل الشعوب، حريصا على كل الدول، كان يسعى للإصلاح، ولم يغب عن تلك الوصايا أبدا قضية الأحرار في فلسطين".

وأردفت الأسرة: "في هذه المناسبة نحيي كل الصامدين في مصرنا من أهالي المعتقلين والشهداء الذين نحن منهم في ظل هذه الأحكام التي تخرج ضد الأحرار والسياسيين والعلماء وخيرة شعبنا. تحية ذكر ودعاء وتقدير للشهداء الأبرار في مصرنا الغالية؛ فلازلنا نردد أن الدم المصري كله حرام".

وأكملت: "كما أننا لا ننسي ما أحسنوا عزاءنا من القادة، أصدقاء الرئيس، وعلى رأسهم الرئيس (التركي) رجب طيب أردوغان، ودولة رئيس الوزراء الماليزي السابق مهاتير محمد، والأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني"، متوجّهة بالشكر لرئيس المؤتمر الرئيس التونسي الأسبق، المنصف المرزوقي، الذي وصفته بأنه "أحد المخلصين الأوفياء" على جهده في هذه الذكرى.

"إرث نضالي"

كما قال مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية في تركيا، ياسين أقطاي، إن مرسي سيبقي "صاحب إرث نضالي يخص التحرر والاستقلال، كما سيبقي رمزا للعالم العربي والإسلامي في الثبات على المواقف ومناصرة الحق"، منوها إلى أن قضية فلسطين كانت قضيته التي عاش لأجلها منذ صغره ومات عليها.

وأضاف، في كلمته خلال المؤتمر أن مواقف مرسي خلال العدوان الصهيوني على غزة عام 2012 كانت "نموذجا لكل العالم الذي يرفض العدوان والظلم والحروب واراقة الدماء، خاصة عندما تدخل ليمنع العدوان على شعب فلسطين".

فيما وجّه أقطاي التحية إلى روح مرسي، وإلى أسرته، ومؤسسة مرسي للديمقراطية التي قال إنها "تدعم وتُكرّم المناضلين للقضية الفلسطينية باعتبارها قضية تحرر وطني واستقلال ومقاومة للاحتلال والاستبداد".

تكريم رموز فلسطينية

وقدّم المؤتمر عدة فقرات فنية ومواد وثائقية تعريفية تخص منتجات مؤسسة "مرسي للديمقراطية".

وكرّم المؤتمر، خلال فعالياته، مجموعة من الرموز الفلسطينية، من بينهم: خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، ورئيس الهيئة الشعبية العالمية لعدالة وسلام القدس مانويل مسلم، ورئيس الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر رائد صلاح، ونائبه المعتقل في سجون الاحتلال كمال الخطيب.

كما تم تقديم الدرع التقديري لأهالي "حي الشيخ جراح" في القدس، تقديرا لنضالهم ضد التهجير والاستيطان.

رسالة الديمقراطية

بدوره، ذكر رئيس الهيئة الشعبية العالمية لعدالة وسلام القدس، مانويل مسلم، أن "كل مَن حمل رسالة الديمقراطية ومناصرة الشعوب، وكانت القضية الفلسطينية هي الأقرب لقلبه، يستحق أن أغرس علم بلادي فوق قبره، لكي يُكَرِّم هذا العلمُ حتى عظامَه. ولي الشرف بأن تكتب مؤسسة مرسي اسمي في علم بلادي هناك وتكرمني".

وقال: "في القدس اليوم بتكريم رجل دين مسيحي تقديرا لنضاله من أجل قضية فلسطين تُرَكّز مؤسسة مرسي للديمقراطية أنظارَ العالم على أن المسيحي العربي هو جزء أصيل من النسيج الوطني، وتدحض الدعاية الصهيونية المغرضة التي تريد تشويه صورة الإسلام في فلسطين".

وأشار مسلم إلى أن "مَن يحمي شعب فلسطين في الوطن والشتات يحمي الإنسانية وحقوق الانسان. ومَن يحمي سكان القدس بالذات من أن تتدحرج عليهم نكباتهم بالتهجير والإرهاب، يحمي حق العودة والعبادة ويحمي كرامة المقدسات ومسرى الرسول ودرب آلام المسيح"، مشدّدا على أن "العدالة في فلسطين تحمي العالم من الظلم، وأن سلام الأقصى يحمي العالم من الحروب الدينية".

يشار إلى أن المؤتمر شارك به العديد من الرموز السياسية والبرلمانية والحقوقية والإعلامية ومفكرين وعلماء وفنانين من مختلف الجنسيات.

كما تبع المؤتمر غرفة حقوقية لعدد من المسئولين الحقوقيين والمحاميين الدوليين حول قضية "مرسي"، وما يتعرض له السياسيون من أحكام للإعدام.