قد يختلف الناس قليلًا أو كثيرًا حول تحديد مفهوم هذا المصطلح وقد يتفقون، إلا أنه لا يصلح العمل فى جماعة ولا يعطي مردوده الحق إلا إذا كان الاتفاق عليه كاملًا وخاصة فيما نعتبره ثابتًا من أهم ثوابت الجماعة وهو التربية كمصطلح ومفهوم على السواء.

والتربية في أبسط معانيها هي تنمية الشيء تدريجيًا حتى يبلغ درجة كماله. ويمكن اختصارها في كلمة واحدة فيكون معنى التربية التنمية. وما دامت التربية هنا تنحصر في التربية الإسلامية، والإسلام في مفهومنا شامل يتناول مظاهر الحياة كلها فالتربية عليه لابد أن تكون شاملة شمول الإسلام الذى يتناول أمور الدنيا والآخرة.

ومحاور التربية الإسلامية كثيرة ومتعددة نظرًا لشمول الإسلام فيمكن أن نطلق التربية الإيمانية على تنمية الإيمان لدى الفرد أو الأفراد، ونطلق التربية العبادية على تنمية أداء العبادات وإحسانها الفرضية منها والتطوعية، والتربية الدعوية والتربية الحركية– والتربية البدنية – والتربية الاجتماعية – والتربية السياسية … وهكذا.

ويمكن أن نقيس مدى النجاح في تحقيق الهدف من التربية بقياس مدى النمو الذى طرأ على الفرد في كل محور من محاور التربية، على فترات متقاربة أو متباعدة وفقًا لما يتفق عليه، ونقيس مدى النمو بمظاهره.

فمثلًا في التربية الإيمانية في مرحلة من المراحل يشترط في الفرد أن يؤمن بقضاء الله وقدره فيما يقع له في حياته، خيره وشره، ثم يصل إلى التسليم المطلق لقضاء الله وقدره بمنتهى الرضا وليوقن أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه وأن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوه بشيء لن ينفعوه إلا بشيءٍ قد كتبه الله له، وأن الأمة لو اجتمعت على أن يضروه بشيءٍ لن يضروه إلا بشيءٍ قد كتبه الله عليه. ونحن على يقينٍ أن الإيمان يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي، ويمكن الرجوع إلى الأعمال التى تزيد الإيمان في مظانها.

والتربية العبادية تعمل على الترقي في مدارك الكمال في تأديتها؛ فمثلًا الصلاة تتدرج من مداومة أدائها في أوقاتها فى جماعة، ومحاولة أن تكون الجماعة في المسجد والحرص على الجماعة الأولى أي أول الوقت، فقد سئل رسول الله ﷺ عن أي الأعمال أفضل فقال: «الصلاة لوقتها». ثم يجتهد في تحقيق معنى أن الصلاة صلة روحية بين العبد وربه، وأن ليس للإنسان من صلاته إلا ما عقل حتى يصل إلى الدرجة التى يكون فيها ممن يعبد الله كأنه يراه «اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك».

وهكذا في كل محور من محاور التربية نجد له بداية وله نهاية، ومع أن البداية ميسورة للجميع ولكن بلوغ الكمال متوقف على استعداد الأشخاص وكل ميسر لما خلق له ولكلٍ طاقته والحد الذى يقف عنده ويجب اعتبار ذلك خلال مسيرتنا التربوية. (وللحديث بقية إن شاء الله).