لا يزال محمود سعد دياب الصحفي في مؤسسة الأهرام الحكومية، مختفياً قسرياً منذ أكثر من 80 يوماً، ليُضاف إلى قائمة طويلة من المغيبين في سجون ومقرات الاحتجاز المصرية، في مخالفة صارخة لأحكام الدستور والمواثيق الدولية.

اختطف محمود سعد دياب (40 عاماً) بواسطة جهاز أمني من داخل مطار القاهرة الدولي، في 6 سبتمبر الماضي، أثناء إنهاء إجراءات سفره إلى الصين، حيث كانت لديه مهمة عمل خاصة بالتلفزيون الصيني.

وناشدت أسرة دياب نقيب الصحفيين ضياء رشوان، ورئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام عبد المحسن سلامة، مراراً، خلال الأسابيع الماضية، من أجل التدخل لدى السلطات للكشف عن مكان احتجازه، خصوصاً أنه يعاني من مرض السكري ويحتاج إلى تناول علاجات يومية.

ويحتجز جهاز أمني سيادي الصحفي محمود دياب في سجن عسكري، إثر اعتقاله من مطار القاهرة أثناء إتمام إجراءات سفره إلى العاصمة الصينية بكين، ونقله إلى السجن بعد تحقيقات مطولة معه، وذلك بتهمة "التخابر مع منظمات وجهات أجنبية خارج البلاد".

وبعد أيام، أكد عضو مجلس نقابة الصحفيينن، محمود كامل، أن دياب مختف منذ شهرين. وكتب عبر حسابه الخاص في موقع فيسبوك: اليوم (6 نوفمبر) يمر شهران بالتمام والكمال منذ اختفاء الزميل محمود سعد كامل دياب، الصحفي في مؤسسة الأهرام وعضو نقابة الصحفيين". وأضاف: "وفقاً لأسرته، فإنه اختفى بعد وصوله إلى مطار القاهرة، يوم 6 سبتمبر الماضي، في طريقه في مهمة عمل إلى دولة الصين على متن الرحلة 953. وهاتفه أغلق عقب وصوله إلى المطار بعشر دقائق. وفي اليوم الثاني لغيابه، تلقت أسرته رسالة منه عبر تطبيق واتساب من رقم هاتفه، أكد فيها أنه وصل إلى دولة الصين وموجود في الحجر الصحي. كما أرسل رسالة في اليوم الثالث تفيد بعدم قدرته على التواصل مع الأسرة، نظراً لسوء أوضاع الشبكة. إلا أن أسرته ارتابت في أسلوب رسالته التي جاءت على غير عادته في الاطمئنان على أطفاله الصغار. وبعد 8 أيام من غيابه، تلقت الأسرة اتصالاً من مقر عمله في التلفزيون الصيني للاستفسار عن سبب عدم وصوله إلى الصين، وهو ما دعا الأسرة إلى الاستفسار من شركة مصر للطيران، التي أكدت عدم مغادرته البلاد، وهو ما دعا الأسرة إلى التقدم ببلاغات وإخطارات حول غيابه للنائب العام ووزير الداخلية".

الاختفاء القسري في مصر واحد من أبشع الجرائم التي يرتكبها نظام الانقلاب الحالي بحق معارضيه، ولا يستثني ذوي الشهرة والتأثير على الرأي العام، أو المواطنين العاديين. يوجد نحو 15 ألف مختف قسرياً في مصر منذ يوليو 2013 حتى أغسطس 2022، حسب آخر حصر لمنظمات حقوقية مصرية، في رسالة استهدفت الدول المشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ (كوب 27)، الذي أقيم في شرم الشيخ هذا الشهر.

وفي اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري في 30 أغسطس، أكد مركز الشهاب لحقوق الإنسان أن جريمة الاختفاء القسري في مصر أصبحت "أمراً ممنهجاً وسياسة متبعة من قبل الأجهزة الأمنية، يقع على كل شرائح المجتمع من المعارضين السياسيين، بصورة تحميها ممارسات تشريعية وقضائية لا تلتزم ولا تحترم الدستور المصري والقوانين الوطنية المعنية، وواقعا طاول كافة فئات وشرائح المجتمع المصري، لتبقى جريمة الاختفاء القسري- المصنفة كأشد الانتهاكات وفقاً للشرعة الدولية لحقوق الإنسان- رحلة معاناة للضحية وذويه والمجتمع بأكمله، تسلطه الدولة القمعية، في انتهاك صريح للمواثيق المحلية والدولية المعنية بهذا الأمر".

كما وثق المركز مقتل 62 مصرياً خارج نطاق القانون من المختفين قسرياً، وادعاء الحكومة بأنهم قتلوا أثناء اشتباكات مع القوات الأمنية، هو ما يزيد من القلق من التعامل مع هذه الجريمة، وذلك في ضوء التوسع في سياسة الإفلات من العقاب المنيعة. ونبّه المركز من "غياب المحاسبة والمساءلة لأي شخص داخل المنظومة الأمنية، والذين قدمت ضدهم البلاغات بتعرض مواطنين للاختفاء القسري، مع تقاعس مريب من سياسات النيابة العامة، الرامية لإغلاق أي شكوى أو بلاغ يقدم إليها في هذا الصدد".

وفي مصر نحو 25 صحافياً معتقلاً حتى عام 2021، حسب تقرير لجنة حماية الصحفيين. وتعد مصر أحد أكبر السجون في العالم بالنسبة للصحفيين، إذ حلت في المرتبة الثالثة في قائمة الدول التي تحتجز أكبر عدد منهم، بعد الصين وميانمار. كما تراجعت مصر هذا العام للمرتبة 168 من أصل 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة الذي تعده منظمة مراسلون بلا حدود