مصطفى عبد السلام

ما زالت مطالب المصريين التي رفعوها بداية 2011 في وجه نظام مبارك حاضرة وبقوة رغم مرور 12 سنة على قيام ثورة 25 يناير.

في هذا اليوم خرج المصريون يرفعون شعار "عيش، حرية، عدالة اجتماعية". كان لديهم مطالب واضحة، الحلم بحياة كريمة وتوفير رغيف خبز وفرصة عمل للجميع، والحد من الفقر والبطالة والغبن والظلم والقهر، والقضاء على الفوارق الاجتماعية وسيطرة 5% من الأثرياء على ثروات المجتمع فيما الغالبية غارقة في العشوائيات والغلاء.

من بين المطالب القضاء على الفساد والاحتكارات التي يقودها رجل النظام القوي أحمد عز، ووقف التزاوج بين السلطة والمال، والحد من سيطرة رجال الأعمال على دوائر الحكم، ورفع الحد الأدنى للأجور ووضع حد أقصى لرواتب الوزراء وكبار المسؤولين، والاستغناء عن جيش المستشارين الذين يلتهمون المليارات، وأن يكون للدولة موازنة واحدة.

كان من بين مطالب ثوار يناير عدم التفريط في أصول الدولة، والتوقف عن سياسة النيوليبرالية المتوحشة التي كان يقودها رجالات جمال مبارك، ووقف سياسة الخصخصة التي أسفرت عن إهدار المال العام وسرقته خلال صفقات بيع البنوك والشركات الرابحة والاستراتيجية.

وبدلا من أن يتحقق حلم المصريين بعد مرور 12 عاما على اندلاع ثورتهم باتوا في كابوس مزعج من بين ملامحه غلاء فاحش لا يتوقف، والتفريط في أصول الدولة والخضوع لإملاءات وشروط صندوق النقد، وقيادة الدولة سياسة النيوليبرالية التي تبيع السلع والخدمات بأكثر من قيمتها وتحول الحكومة من مجرد رقيب ومقدم للخدمات ومنظم للعملية الإنتاجية إلى سمسار هدفه الربح حتى لو أدى إلى قذف الملايين في أتون الفقر والذل وربما الموت جوعا.

وبعد أن كانت الوعود المقدمة للمصريين طوال السنوات الماضية بمنحهم المن والسلوى والرفاهية وعاصمة عصرية جديدة ومدن عمرانية ووضع معيشي أفضل وتحسن في الرواتب والدخول، إذا بهم غارقون في ديون غير مسبوقة تحتاج إلى 5 أجيال لسدادها، وعملة تتهاوى، وتآكل للمدخرات، ومعدلات فقر مدقع غير مسبوقة، وأحوال معيشية متردية، وعدم توافر الخدمات الرئيسية وفي مقدمتها السكن والعلاج والتعليم والحياه الكريمة، وأزمات مالية وضرائب ورسوم لم تشهدها البلاد في عصور مضت، وخطط منظمة للقضاء على الطبقة الوسطى.

في 2011 حلم المصريون بالريادة، وأن يكون بلدهم واحدا من أهم الاقتصادات في المنطقة مع ما يمتلكه من ثروات بشرية وطبيعية ومالية وإمكانيات إنتاجية وأصول، وفي 2023 بات حلمهم مجرد البقاء على قيد الحياة والستر مما هو قادم.

المصدر: العربي الجديد