أصدرت نيابة أمن الدولة العليا، اليوم الأحد، قرارًا رسميًا بإحالة المهندس يحيى حسين عبد الهادي إلى المحاكمة الجنائية أمام دائرة الإرهاب على خلفية اتهامات تتعلق بنشاطه السياسي وكتاباته على وسائل التواصل الاجتماعي، في القضية رقم 3916 لسنة 2024 حصر أمن دولة عليا.
وتعقد أولى جلسات محاكمة القيادي بجبهة الإنقاذ الداعمة مسار 30 يونيو 2013 يوم السبت الموافق 26 يوليو 2025، أمام الدائرة الثانية إرهاب، التي تنعقد في مقر محكمة الإرهاب بمدينة بدر شرق العاصمة.
وبحسب أمر الإحالة الصادر عن نيابة أمن الدولة، يُحاكم عبد الهادي على خلفية مجموعة من الاتهامات ذات الطابع السياسي والأمني، حيث وجهت إليه اتهامات بالتحريض على استخدام القوة والعنف ضد مؤسسات الدولة؛ والترويج بالقول والكتابة لارتكاب جريمة إرهابية؛ واستخدام موقع على شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) لارتكاب جريمة إرهابية؛ ونشر وإذاعة أخبار وإشاعات وبيانات كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام وزعزعة الثقة في مؤسسات الدولة.
وتعكس صياغة الاتهامات – التي تستند في معظمها إلى مواد قانون مكافحة الإرهاب وقانون تقنية المعلومات – توجهًا واضحًا من سلطات الانقلاب نحو تجريم النشاط الرقمي للمعارضين السياسيين، خاصة ما يُنشر عبر المنصات الاجتماعية، وفي مقدمتها "فيسبوك".
وكانت نيابة أمن الدولة العليا قد واصلت خلال الأشهر الماضية التحقيق مع المهندس يحيى حسين عبد الهادي، حيث واجهته بعدد من المقالات والتدوينات التي نشرها على صفحته الشخصية بموقع "فيسبوك"، والتي رأت النيابة أنها تتضمن محتوى "تحريضيًا" ضد الدولة ومؤسساتها.
وأبدى عبد الهادي تمسكًا واضحًا بمواقفه وآرائه السياسية، ولم يتنصل من أي مما نُسب إليه. وقال نصًا أمام جهات التحقيق: "كل كلمة كتبتها على حسابي أعتز بها وأتشرف بها". واستندت النيابة ضمن أدلتها إلى تقرير فني أعدته إدارة تكنولوجيا المعلومات بوزارة الداخلية، تناول بالرصد والتحليل محتوى الصفحة الشخصية للمعارض عبد الهادي، مع التركيز على منشوراته وتعليقاته العامة. واعتبر التقرير – بحسب ما ورد في أوراق التحقيق – أن هذه المحتويات تحتوي على مواد تحريضية تدعو للفوضى، وتسيء إلى مؤسسات الدولة، وتدفع المواطنين إلى عدم الثقة في النظام العام.
استندت النيابة، ضمن أدلتها، إلى تقرير فني أعدته إدارة تكنولوجيا المعلومات بوزارة الداخلية
وتعود القضية إلى واقعة مثيرة للجدل بدأت في القاهرة، حينما اختفى يحيى حسين عبد الهادي بشكل مفاجئ أثناء توجهه للمشاركة في ندوة سياسية بمقر حزب "تيار الأمل" (تحت التأسيس). وبحسب بلاغ رسمي تقدم به الدكتور عبد الجليل مصطفى، المنسق السابق للجمعية الوطنية للتغيير، إلى النائب العام المستشار محمد شوقي عياد، فقد جرى "اختطاف عبد الهادي من شارع صلاح سالم بواسطة أشخاص بملابس مدنية، يُعتقد أنهم تابعون لجهاز الأمن الوطني".
وأوضح البلاغ أن الواقعة حدثت قبيل بدء الندوة بساعات، وأن المشاركين فوجئوا بعدم وصول عبد الهادي، وانقطاع التواصل معه، ما دفعهم إلى التحرك قانونيًا للكشف عن مكانه. ولم تمضِ سوى ساعات حتى ظهر عبد الهادي داخل مقر نيابة أمن الدولة العليا بالتجمع الخامس، حيث جرى التحقيق معه مباشرة دون إخطار سابق، ليصدر لاحقًا قرار بحبسه احتياطيًا على ذمة التحقيق، مع إيداعه في سجن العاشر من رمضان 4.
وتؤكد مصادر مطلعة من محامي وأسرة يحيى حسين عبد الهادي أن السبب المباشر وراء استدعائه والتحقيق معه، ثم توقيفه، هو مقال سياسي جريء نشره على صفحته الشخصية بعنوان "إلى متى يصمت الجيش؟". وبحسب المصادر نفسها، فإن المقال تضمن انتقادًا صريحًا لدور المؤسسة العسكرية في الحياة السياسية والاقتصادية المصرية، ودعا إلى عودتها إلى دورها الدستوري المتمثل في حماية الحدود والدفاع عن الوطن فقط، دون تدخل في الشأن المدني أو السياسي.
وبرغم حذف المقال لاحقًا من بعض المنصات، فقد احتفظت أجهزة الأمن بنسخة منه، استخدمتها لاحقًا في دعم لائحة الاتهام الموجهة إليه باعتبارها دليلاً على "التحريض" و"الإساءة إلى مؤسسات الدولة".
ويأتي قرار إحالة يحيى حسين عبد الهادي إلى المحاكمة في وقت تشهد فيه مصر انتقادات حقوقية واسعة بسبب استمرار العمل بمنظومة الطوارئ والمحاكمات الاستثنائية، خاصة تلك التي تُجرى أمام محاكم الإرهاب، والتي تتهمها منظمات دولية ومحلية بـ"الافتقار إلى الحد الأدنى من ضمانات المحاكمة العادلة".
وقد سبق أن أُخلي سبيل عبد الهادي في قضايا سابقة بعد فترات من الحبس الاحتياطي، إلا أن ما يُعرف بـ"تدوير القضايا" أعاده إلى دائرة الحبس مجددًا باتهامات مشابهة تستند في معظمها إلى كتاباته ومواقفه السياسية.