نائب المرشد العام للإخوان المسلمين لـ(إخوان أون لاين):

- التزوير لن يحُول دون مشاركتنا في الانتخابات القادمة

- مكاسبنا من المشاركة كثيرة والخسارة في المقاعد فقط

- مقاطعتنا للانتخابات غاية يتمنَّاها النظام ومن يقف خلفه

- محاولات تشويه صورتنا فشلت ولا أحد يصدِّق النظام

- ليس متاحًا لنا إنشاء قناة فضائية أو جريدة تتحدث باسمنا

- نردُّ على خصومنا بأدب الإسلام ونقدِّم لهم النموذج العملي

 

حوار- أحمد الجندي:

عقب الانتهاء من المسرحية الهزلية التي أطلق النظام عليها اسم (انتخابات الشورى)، والتي أجهز النظام فيها على المتبقي من الديمقراطية والنزاهة، وبعد جريمة التزوير الفجة التي ارتكبها النظام المصري في الانتخابات وإقصاء 15 مرشحًا لجماعة الإخوان المسلمين في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى، خيَّم على المواطنين شعورٌ باليأس والإحباط تجاه المستقبل السياسي لمصر، ودارت في أذهان الكثيرين عدة تساؤلات حول موقف جماعة الإخوان المسلمين كبرى الحركات الإسلامية على مستوى العالم والفصيل السياسي الأكبر في مصر، والتي يعلِقون عليها آمالهم في التغيير والإصلاح المنشود؛ من المشاركة في الانتخابات القادمة، وجدوى المشاركة في ظل التزوير، ومحاولات النظام لتهميش الإخوان، وكيفية تجاوز الآثار السلبية لتزوير انتخابات الشورى.

 

كل هذه التساؤلات يجيب عنها الدكتور رشاد البيومي، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، في الحوار التالي:

* بعد مسرحية انتخابات الشورى وإقصاء مرشحي الإخوان من الانتخابات بعد تزويرها.. كيف يمكن مواجهة محاولات النظام لتهميش دور الإخوان؟

** لقد تعرَّض الإخوان لحملات إبادة منذ القدم، وجمال عبد الناصر عمل أشياء لا يمكن أن يتصورها بشر للقضاء على الإخوان، ولكن القضية ليست قضية منع شخص واحد؛ لأننا نستمد قوتنا من الشارع؛ والشارع يدرك من هم الإخوان.

 

وبعد دراسة الأمور التي حدثت في الشورى بالتفصيل الإخوان لن يألوا جهدًا في تصحيح ما أفسده النظام؛ لأن النظام أفسد أرضيته، ويحاول إصلاح ذلك بطرق غير مشروعة، مثل التزوير واستخدام البلطجية والمجرمين وأصحاب السوابق، فنحن لا يمكن أن نتعامل مع مواقف النظام بهذا الأسلوب السيئ، ولكننا سنتعامل بمستوى أخلاقياتنا الراقية، وسنبذل كل ما يمكن أن يزيل هذه الغمة ولكن بطرقنا النظيفة، وندرس ما هي الوسائل القانونية والدستورية لمواجهة هذه الأمور، ونحدِّد الوسائل العملية التي تؤدي إلى شحن المجتمع في ظل شرعية الأداء ودستورية الأداء وقانونية الأداء، ولن يحول الوضع الحالي دون مشاركة الإخوان في كل الانتخابات القادمة، وسنستمر في فضح عمليات التزوير إعلاميًّا وسياسيًّا على المستوى المحلي والدولي، واللجوء إلى القضاء في الأمور التي يتجاوز فيها النظام حدود الأحكام القضائية.

 

* هل ترى أن الفضح الإعلامي والأحكام القضائية يؤثر في النظام؟

** لا شك أن النظام يخشى فضح تجاوزاته وتزييفه إعلاميًّا وكشف سوأته أمام الرأي العام وكذلك أيضًا يتأثر بالأحكام القضائية، حتى لو لم يتم تنفيذها.

 

* ذكرتم أن الإخوان المسلمين مصرُّون على خوض جميع الانتخابات القادمة، فهل حددتم نسبة المشاركة في انتخابات مجلس الشعب القادمة؟

** هذا الأمر سابق لأوانه، ولم نحدِّد بعد النسبة المشاركة في انتخابات الشعب القادمة.

 

قصور فهم

* كيف يمكن تجاوز الآثار السلبية لتزوير انتخابات الشورى على مستوى الصف الإخواني الذي أصيب بعضه بالإحباط من جرَّاء ما حدث؟

** إذا أصيب أحد أفراد الصف الإخواني بإحباط فإن ذلك يكون راجعًا لقصور فهمه لأهداف الجماعة من دخول الانتخابات؛ فالقضية قضية انتشار في المجتمع، وإبراءٌ للذمة أمام الله.. إننا نشارك في الإصلاح، بالإضافة إلى توعية المجتمع بما يدور حوله، ولا بد أن يعلم الإخوان أننا لم نخسر إلا المقاعد فقط، وكسبنا الجانب الآخر، وهو ليس يسيرًا على الإطلاق، ويجب علينا أن نشارك في أي مجال من مجالات الإصلاح والتغيير، كما أن طموحاتنا في الدخول إلى الانتخابات ليس الحصول على المقعد فقط، ولكن الأصل فيها أن نعذر إلى الله تعالى بالمشاركة في مسيرة الإصلاح أو محاولة تغيير هذا الشكل السيئ؛ فإن لم نوفَّق في الحصول على مقعد فيكفي أننا حققنا بقية أهدافنا من المشاركة، ولو أن الانتخابات تسير بصورة نزيهة لفاز مرشحو الإخوان في جميع الدوائر.

 

* يرى بعض الإخوان أن العمل السياسي طغى على العمل التربوي داخل الجماعة، ويرون أن الأفضل في المرحلة المقبلة هو مقاطعة الانتخابات والعكوف على التربية.. ما رأيكم في هذا الطرح؟

** السياسة لدينا هي جزءٌ من التربية، كما أن أي نشاط سياسي أو علمي أو ثقافي يكون المنطلق فيه منطلقًا تربويًّا، أما تأثير السياسة في التربية فهي شماعة يعلِّق عليها "الخايب" أخطاءه، كما أن تاريخنا مع الانتخابات ليس وليد اليوم، وعلى الإخوان أن يّطالعوا كتاب "الإخوان والانتخابات"، فقضيتنا تقوم على فكر سليم يستقر في النفس ويصبح عقيدة تكون هي المحرك الذي يحركه في أي اتجاه من الاتجاهات، سواءٌ كانت سياسيةً أو ثقافية أو علمية.

 

صفحة مشرفة

* تمَّ تزوير الانتخابات حتى في الدوائر التي ترشح فيها نواب الإخوان الحاليون بمجلس الشعب، فهل تتوقعون أن يؤثر ذلك في نفسية النواب، أو أن يلقى بعضهم نفس المصير في الانتخابات القادمة؟

** لماذا نفترض شيئًا لم يحدث، لا نريد أن نسبق الأحداث، ويكفي النواب أنهم أدَّوا ما عليهم كأحسن ما يكون، وقدموا صفحةً مشرفةً في دائرة الإصلاح والتغيير.

 

* عددٌ من رموز الجماعة حملت تصريحاتهم بعد تزوير الانتخابات بعضًا من الإحباط، وبعضهم طالب بمقاطعة الانتخابات.. كيف ترون ذلك؟

** هذه وجهات نظر فردية تعبِّر عن آراء أصحابها فقط، أما التوجه العام بالنسبة للجماعة فهو أن نشارك في كل الانتخابات ونطرق كل أبواب الإصلاح والتغيير، ويجب أن يعلم الجميع أن مقاطعتنا للانتخابات هي غاية ما يتمنَّاه النظام ويتمنَّاه الصهاينة والأمريكان، الذين يتمنون أن ينحصر الإخوان، مثل الجمعيات الخيرية والجمعيات الصوفية داخل المسجد ولا يشاركون في الحياة السياسية.

 

* ألا ترى أن وجهات النظر تلك من الممكن أن يتأثر بها بعض شباب الإخوان وتسبِّب لهم نوعًا من البلبلة؟!

** من المفترض أن يستقي شباب الإخوان توجهاتهم من المرشد العام ومكتب الإرشاد وما عدا ذلك فهي اجتهاداتٌ شخصيةٌ، وهنا يبرز أصحاب الفهم السليم فلا يتبلبل إطلاقًا إنسان فهمه سليم، أما الإنسان الذي يتبلبل فهو يعاني من قصور في الفهم.

 

* بعض المحللين السياسيين والمراقبين لعمليات تزوير انتخابات الشورى طالبوا الإخوان بمقاطعة الانتخابات وقالوا إن مشاركة الإخوان فيها تُضفي شرعيةً على انتخابات غير شرعية.. ما تعليقكم؟

** هذا الكلام درسناه وعرفنا أبعاده قبل ذلك، ودخول الانتخابات أمر غير جديد على الإخوان، فالإمام البنا دخل الانتخابات في الإسماعيلية، ويكفي ما حققه نواب الإخوان في الدورة البرلمانية الحالية، كما أن المقاطعة هي عين المنى بالنسبة للنظام، وفي وقتها سينجح النظام بعض المنتمين إلى الأحزاب الأخرى ليضفي شرعيةً غير حقيقية على الانتخابات.

 

تأثير الإخوان

* يتحدث النظام عن أن المشاركة في "الشورى" كانت غير مسبوقة، وأن الحزب حقَّق فوزًا كاسحًا.. ما ردُّكم على هذا الكلام؟

** لا أحد يصدق النظام إلا نفسه، أما المجتمع كله فيدرك تمامًا أن القضية قضية تزوير، والجميع يدرك أنَّ التزوير تمَّ بسبب خوض الإخوان للانتخابات، وإذا لم يخُض الإخوان الانتخابات فلن يكون النظام بحاجة إلى تزويرها؛ لأنه يعلم أن الأحزاب لن ينجح منها أحد.

 

* لكنَّ الناخب المصري- بإحباط ويأس شديدين بعد تزوير انتخابات الشورى- أصبح يرى أن النظام لن يمكِّن الإخوان من الفوز بأية انتخابات قادمة.. ما آلية الإخوان في التعامل مع مثل هذا الوضع؟

** دخول الإخوان الانتخابات عاملٌ مهمٌّ في إيقاظ الشارع المصري وتحريكه، وهذا الكلام كان متناولاً بعد انتخابات المحليات السابقة، ولكن بمجرد دخول الإخوان انتخابات الشورى كانت المشاركة المجتمعية والتجاوب الشعبي مع مرشحي الإخوان على أعلى مستوى، فعندما تتاح الفرصة للناس للتصويت في الانتخابات سيخرجون جميعًا من أجل التصويت للإخوان ومساندتهم.

 

* ما آليات الإخوان للتواصل مع شرفاء المعارضة والمصلحين في مصر؟

** ننادي بقلب مفتوح وبعقل مفتوح ونبدي استعدادًا للتعاون من أجل مصالح البلد، سالكين كلَّ طريق مشروع، وندعوهم في لقاءات ونتزاور ونتلاقى معهم في نقاط في إطار المشروع الإصلاحي.

 

انتخابات موازية

* طرحت بعض قوى المعارضة فكرة إجراء انتخابات موازية وتشكيل مجالس تمثيلية موازية في ظل النهج التزويري الفج للانتخابات الذي ينتهجه النظام.. ما موقف الإخوان من هذا الطرح؟

** هذا الطرح لم يُدرس بعد، ولكننا ندرس كل الأفكار المطروحة ومدى شرعيتها.

 

* ما معايير دراستكم لمثل هذه الأطروحات؟

** نرى مدى شرعيته الدينية والدستورية، وكيفية التعامل معه، والنتائج المتوقعة منه ومدى مشاركة الغير معنا فيه، ولقد قمنا قبل ذلك بتجربة مماثلة في الاتحاد الحر في الجامعات المصرية.

 

* يشنُّ النظام حملاتٍ إعلاميةً ممنهجةً لتشويه صورة الجماعة، كيف ستواجهون مثل هذه الحملات؟

** المسألة ليست بجديدة، فمنذ أيام الملك وحملات التشويه مستمرة ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32)﴾ (التوبة)، ولكنَّ أعمال الإخوان ونهج الإخوان وتاريخ الإخوان المشرِّف الذي كتبه دماء الشهداء وأنَّات المعذبين ودموع الثكالى والأرامل خيرُ دليل على نزاهة الإخوان، فنحن لم ننتظر مغنمًا ماديًّا ولا معنويًّا من أحد ولكن كل ما نقدمه تضحية في سبيل ما يرضي الله.

 

الرد الجميل

* ما وسائلكم العملية للرد على هذه الحملات التشويهية؟

** نحاول أن نرد عليهم بأدب الإسلام وبخلق الإسلام ونقدِّم النموذج العملي للناس، وعندما ينال أحد منا برد لا يليق رددنا عليهم بخلق عالٍ وننأى بأنفسنا عن النزول إلى مستوى المسيئين فيقول الشاعر: "لو أن كل كلب عوى ألقمته حجرًا .. لصار الصخر مثقالاً بدينار"؛ فمن هاجمنا يريد الفهم أوضحنا لهم الحقيقة، ومن كان يريد الهجوم لمجرد الهجوم والتشويه لا نلتفت إليه.

 

* لماذا لا يفكر الإخوان في إنشاء قناة فضائية تتحدث باسم الإخوان أو حتى جريدة ورقية؟

** ليس متاحًا لنا إنشاء قناة فضائية، وبذلنا كل ما يمكن في هذا الشأن، ولكن الأمر ليس متاحًا بكل ما تعنيه الكلمة ولدينا قنواتٌ متاحةٌ نتحدث فيها، أما بالنسبة للجرائد فالجميع يعلم ما حدث لجريدة (آفاق عربية) وجريدة (الشعب) من قبلها من تشريد للصحفيين وأسرهم.

 

* كيف ستتعاملون مع أحزاب المعارضة التي تبرم صفقاتٍ سريةً مع النظام ضد الإخوان، خاصةً في الانتخابات القادمة؟

** نتعامل بنظافة ونزاهة وشفافية مع الجميع، ولا يعنينا أن غيري يسلك سلوكًا ملتويًا، فأنا أقدم يدًا شريفة لكل مصلح في هذا البلد، أما الآخرون فنتعامل معهم من منطلق "لست بالخب ولا الخب يخدعني" فهناك بعض الأشياء التي ندركها جيدًا.

 

* ما موقف الإخوان من مطالبة بعض قوى المعارضة بالخروج للشارع في مظاهرات مليونية للضغط على الحكومة من أجل التغيير؟

** الإخوان المسلمين هم أول من قاد الشعب إلى الخروج إلى الشارع والمتابع الجيد للأخبار سيرى مظاهرات الإخوان في الإسكندرية، والتي خرج فيها 100 ألف، وغيرها من المظاهرات في المحافظات الأخرى، مثل الفيوم، ولكن كل شيء يُحسب بوقته.