إني رأيتُ مظاهرة         طافت بقلب القاهره

وأرى الثغور تجاوَبت         وكذا المدائنَ والقرى

وترى الألوفَ تجمَّعت        وبها العزائمُ ثائره

وترى الرقيَّ حليفهم        في وقفةٍ متحضره

يُلقون للأمن التحيةَ        بالورود الزاهره

والأمن حوَّط جمعَهم         متربصًا ومفكرًا

وترى الهتافَ مُدوِّيا        ومطالبًا ومعبرًا

ولهم مطالبُ وافقت         نبض الشعوب الصابره

حلٌّ لمجلسنا الذي        بالزور جاء مُفاخرا

عند انتخاباتٍ لنا          نُجريها غيرَ مزوَّره

إنهاء قانون الطوارئ      كم أذلَّ وحاصرا

تغيير حكمٍ إن مضى        متجبِّرًا ومسيطرًا

إطلاق معتقل لنا        ليكون فينا محررًا

***

فالتفَّ حول كبيرِنا         قلمُ النفاق مُشاورًا

قالوا له لا تلتفت         فالأمر ليس بظاهره

تلك المطالبُ كلها       باتت تعادُ مكرَّره

هي فورةٌ وقتيةٌ       وغدًا تُولِّي مدبره

هي وقفةٌ تأتي وتمضي        كالغيوم العابره

دعهم لتسليةٍ بها       هي كالتسالي النادره

***

والأمن بعد وداعةٍ      عن نابه قد كشَّرا

والجمع كان مُصابرًا      والأمنُ لم يكُ صابرا

خلعوا القناع وأظهروا     وجه الخصومة سافرا

فالقائد المغوار قد    أعطى بذاك أوامرا

هيا اضربوهم بالقنابل      والرصاص مبعثرا

هيا أسيلوا الدمع من     تلك العيون الساهره

وأسيلوا بعد الدمع      سيلاً من دماء طاهره

بعدا لمن ركب الجهالة     عامدًا متكبرا

ولكلِّ معصيةٍ أتى     دومًا تراه مبررا

***

وهناك من أعطى النصيحة    مخلصًا ومحذرا

كن للمطالب فاهمًا    ومُلبِّيا ومقدرا

تلك المطالب تبتغي    ردَّ الحقوق المهدره

طوبى لِمَن مِن غيره    أخذ العظاتِ وفكَّرا

وُعِظَ السعيدُ بغيره    أما الشقيُّ فأدبرا

تلك العظاتُ أمامنا    من شاء أن يتدبَّرا

كم سادرٍ في غيه    ترك المناصب مُجبرا

كم تاركٍ سلطانه    ليؤُمَّ نحوَ المقبره

كم ظالمٍ ترك المناصبَ    نادمًا مُتحسّـرا

كم مستبدٍّ راحلٍ    إنْ طائعًا أو مُجبرا

كم حازمٍ في أمره    قد تاب قبل الغرغره

كم عادلٍ في حُكْمه    ملكَ الأمورَ فيسَّرا

قد فاز بالذِّكر الجميل    مقدَّرا ومُعطَّرا

قد حاز أجرًا وافرًا    وثوابَ ربك حاضرا

***

---------

* [email protected]