- العرب ينتظرون الكثير من الكنانة بعد الثورة

- ثورة مصر بداية نهضة الأمة ومخاض التغيير

- الانتخابات أظهرت المعدن الحقيقي للشعب المصري

- حدث اختلاف كبير في التعامل مع المصريين بالخارج

 

تحقيق: مي جابر

30 عامًا.. عاشت خلالها مصر في حالة مزرية؛ حيث تدهورت أوضاعها وتراجعت مكانتها وسط العالم العربي والإسلامي والغربي، بعد أن كانت تقود العالم بأسره، ولكن مصر بشعبها العظيم الذي قام بثورته العظيمة ويكتب من جديد اسم مصر في دفتر التاريخ بحروف من نور، ولتعيد لمصر مكانتها الطبيعية وسط شعوب ودول العالم.

 

(إخوان أون لاين) يرصد التغييرات التي طرأت على ملامح الصورة المصرية في عيون الشعوب العربية وعيون أبنائها في الخارج أنفسهم بعد عام كامل من انطلاق شرارتها الأولى.

 

تقول حنين جعيدي (طالبة بجامعة عمان- الأردن) إنهم كانوا يشعرون بالقهر بمعناه الحقيقي عندما كانوا يفكرون في مصر أيام المخلوع، والذي أضاع من خلال ممارساته وسياساته الاستبدادية الفاسدة معنى العروبة والكرامة، وقزَّم مصر بعد أن كان الجميع يعتبرها أم الدنيا، معتبرة أن المواقف الرسمية في ذلك الوقت محبطة للغاية، ولو أن الكثير لم يعد مستغربًا إعلان حرب على غزة من مصر أو محاصرة أبناء جلدتنا المسلم العربي من قِبل مصر ويُمنع عنهم الطعام والدواء لا وبل يشيّد الجدران لمحاصرتهم وقهرهم وتجويعهم.

 

وتتابع قائلة: "كل ذلك كان يطرح سؤالاً مهمًّا جدًّا، وهو أين الـ 85 مليون مصري المقهورين أيضًا، وما الذي يجبرهم على الرضوخ لمنطق سياسات مبارك الخائن لشعبه ووطنه؟".

 

وتضيف أن كل هذه النظرة السوداوية ازدادت بعد إجراء الانتخابات البرلمانية في نهاية عام 2010م، هذا إلى جانب كثرة الطوابير التي كان يقضي فيها المصريون أغلب يومهم للحصول على الخبز أو أنابيب البوتاجاز، مستغربة صبر الشعب المصري واستكانته أمام هذا الظلم والفساد والاضطهاد.

 

وتشير إلى أن الثورة المصرية المباركة أزالت كل هذه السلبيات؛ لينتزع الشعب المصري حريته بيده، موضحة أنهم ما زالوا ينتظرون من مصر العروبة الكثير بعد الثورة، لتعود مرة أخرى وتمسك بزمام النهضة والتقدم والقضاء على الفقر والجوع، ورفع سقف الحريات على المستوى الداخلي، واستعادة فلسطين وأمجاد العرب والمسلمين، وهي قادرة على ذلك بما تمتلكه من ثورة بشرية من مفكرين وعلماء وسياسيين من المخلصين.

 

مجون مبارك

عبد القادر مقشوش، من ولاية عين الدفلي دائرة العطاف- الجزائر، فيؤكد أن نظرته لمصر تحولت بعد قيام ثورة 25 يناير، إذ استطاع الشعب كسر حاجز الخوف ليخرج على النظام العميل البائد، كما أن المصريين أثبتوا تحضرهم وتقدمهم من خلال خروجهم بالملايين للإدلاء بأصواتهم خلال الانتخابات البرلمانية التي تعد أول انتخابات ديمقراطية نزيهة تشهدها مصر منذ عقود طويلة، وهو ما أظهر المعدن الحقيقي للشعب المصري، موضحًا أن ذلك على عكس ما كان يروج له العملاء من رجال النظام المخلوع قبل الثورة؛ حيث كانت الصورة المأخوذة عن مصر هي أنها للرقص والمجون والفقر والتسول والعمالة لكيان الصهيوني، وموقد للفتن بين دول الجوار، بالإضافة إلى التطرف والتشدد الديني.

 

ويرجع ذلك إلى ما يصلهم من خلال وسائل الإعلام ورموز النظام الذين كانوا يمثلون المجتمع المصري في كلِّ المجالات والتعتيم على آراء المعارضة، وحبسهم في المعتقلات حتى لا تصل الصورة الصحيحة للخارج.

 

مخاض الأمة

ويتفق معه علاء الصالح، من بيروت – لبنان، فيعتبر ثورة مصر بداية نهضة الأمة ومخاض التغيير، مضيفًا أن المولود الأول لهذا المخاض هو البرلمان الذي اختاره الشعب المصري بإرادته الحرة؛ ليثبت أن غرسه بدأ يثمر.

 

يؤكد أن الشعوب العربية تعلم أن المخلوع كان وكيل السياسة الأمريكية في المنطقة وذليل الصهاينة، وقام بسرقة البلد وأهلك الحرث والنسل، مشيرًا إلى أن مصر عانت من الضعف أيام المخلوع، وخسرت خلال عهده البائد رونقها ودورها في المنطقة؛ حيث كانت خير سند للصهاينة، إلا أن ذلك تغير كلية بعد قيام ثورة يناير التي أسقطت طاغية العرب.

 

ولم تختلف وجهة نظر عبد اللطيف الشهري، من جدة- المملكة العربية السعودية، فيتوقع لمصر مستقبلاً مشرقًا، وذلك يرجع إلى استعادة الإنسان المصري كرامته التي لن تُهدر مرة أخرى، كما أصبح رأيه معتبرًا ومقدرًا في اختيار من يتولى سدة الحكم، مضيفًا أنه يكفي شعور الإنسان المصري بإنسانيته واحترام الآخرين لكيانه بعد أن أهدرها النظام المستبد.

 

ويرى أن هناك من يتربص بأمن مصر لما تمثله من أهمية وثقل كبير في الأمتين العربية والإسلامية، مشيرًا إلى أن هناك مداخل متعددة لهؤلاء المتربصين، فتعدد الأطياف وتوجهات بعض الأحزاب "المتغربة" بأجندات مجهولة الهوية، وهو ما قد يؤثر ذلك على مسيرة التنمية في البلاد.

 

كرامة المصريين بالخارج

ولا تختلف رواية المصريين العاملين بالخارج عن تغير الصورة الذهنية للشعب المصري لدى جيرانهم سواء من الشعوب العربية أو الغربية؛ حيث أصبح أهل البلدان التي يعملون فيها ينظرون لهم نظرة إعجاب وفخر، وهو الأمر الذي أعاد للمصريين عزتهم وكرامتهم بالدول العربية والغربية، بعدما أهدرت طوال العقود التي حكمت فيها النظم المستبدة، حتى أصبح العامل المصري بالخارج بلا قيمة يباع ويشترى بأبخس الأثمان.

 

ويروي الدكتور عبد الرحمن شريف (طبيب بيطري- مقيم بالسودان) شهادته قائلاً: "كانت نظرة السودانيين لنا قبل الثورة نظرة ازدراء، وإذا دخلت في أي نقاش سياسي معهم كنا نشعر بالحرج دائمًا؛ حيث يتم اتهامنا بالتخاذل والخيانة ملقين بعبارات استهزائية وساخرة مثل (روحوا افتحوا المعبر لغزة الأول.. روحوا اتشطروا على مبارك اللي ذللكم الأول)، وهو ما كان يسبب لنا ضيقًا وثورة عارمة في نفوسنا على هذا النظام الذي شارك في إذلالنا بالداخل والخارج".

 

ويشير إلى أن هذا الوضع تغير تمامًا بعد قيام الثورة المصرية المباركة، فأصبح الجميع ينظر للمصريين على أنهم أبطال، وشعب قادر على فعل المستحيل، مضيفًا أنه بعد تنحي مبارك اتصل به معظم الجيران وزملاء العمل من مختلف الجنسيات ليقدموا له التهنئة على هذا الإنجاز العظيم، وفي هذه اللحظات تحولت الكلمات السلبية لتصبح (مبروك عليكم.. والله وعملتوها.. وأنتم السابقون.. ودخلتم التاريخ يا شعب).

 

ويؤكد أن التعامل بعد ذلك اتسم بالاحترام والفخر، فالجميع يشتاق لسماع قصص الثورة المصرية ومغامراتها، مشيرًا إلى أن أحداث العنف الأخيرة مثل محمد محمود وماسبيرو شوهت الصورة البيضاء مرة أخرى.

 

أما الدكتور نور الدين المعداوي (طبيب أطفال– مقيم بالمملكة العربية السعودية) يرى أن هناك اختلافًا كبيرًا في التعامل مع المصريين العاملين بالسعودية على مدار العام الماضي، فبعد الثورة مباشرة ساد الظن على السعوديين أن الشعب المصري تهور ولم يصبر الصبر الكافي على الرئيس المخلوع، كما تملك المخلصين منهم الخوف على مستقبل مصر بعد الثورة، مضيفًا أن هذه النظرة ازدادت بسبب انتشار البلطجية وأعمال العنف والتخريب، إلا أن ذلك اختلف كلية بعد إجراء الانتخابات البرلمانية وافتتاح مجلس الشعب، فبدأت النظرة الإيجابية تسود، واختفى الاعتقاد بتهور المصريين أو خطئهم في قيامهم بالثورة.

 

وتشير هند خفاجي (مصرية مقيمة بقطر) إلى أن يوم تنحي مبارك كان بمثابة عيد وكرنفال للاحتفال بإسقاط المخلوع؛ حيث خرج القطريون في هذا اليوم إلى جميع الميادين حاملين الأعلام المصرية، ومرددين الأغاني الوطنية، كما لو كان مبارك "كاتم" على أنفاسهم هم.

 

وتضيف أن الشعب القطري يحترم المصريين ويتعامل معهم بطريقة آدمية بدون أية مضايقات، مؤكدة أن الجالية المصرية تقيم أنشطتها بكل حرية، مرجعة ذلك إلى الانطباع الجيد الذي تركته الثورة عن الشعب المصري المثابر والشجاع.