أصدرت وزارة شئون الأسرى والمحررين دراسة إحصائية شاملة أعدها عبد الناصر فروانة مدير دائرة الإحصاء بالوزارة جاء فيه أنَّ حكومة الاحتلال الصهيوني ومنذ احتلالها للاراضي الفلسطينية اعتقلت قرابة ربع السكان الفلسطينيين المقيمين في فلسطين (25%)، ولم تعد هناك عائلة واحدة لم يعتقل منها أحد، بل إنَّ هناك عائلات اعتقلت بكاملها وهناك من اعتقل عدة مرات، وفي أحيان كثيرة اعتُقلت الأسرة بنسائها وشيوخها للضغطِ على ابنها المعتقل أو عقابًا لهم، ومئات المرات هدموا بيوت عائلات المعتقلين؛ عقابًا لهم لأنهم أنجبوا هذا المعتقل البطل، وأحيانًا أخرى اعتُقل الأصدقاء والجيران عقابًا لصداقتهم به أو لسكنهم بالقرب منه.

 

هذه الاعتقالات لم تكن بطبيعة الحال بدون سبب، بل لأنهم فلسطينيون مناضلون ضد الاحتلال وما يُمثله من ظلمٍ وقهرٍ واضطهاد ومطالبين بالحرية والاستقلال، ومع ذلك لم ولن تستطع تلك الاعتقالات أن تُطفئ نار الحقد على الاحتلال ولا أن تُوقف النضال ضده وضد ممارساته القمعية، كما أن شهور وسنوات وعقود الأسر لم تقضِ على إنسانيةِ الأسرى وفلسطينيتهم وانتمائهم للوطن.

 

أعداد المعتقلين الآن

- (10500) معتقلاً فلسطينيًّا وعربيًّا في السجون والمعتقلات الصهيونية والأرقام في ازديادٍ مضطرد، ويتوزع المعتقلون على أكثر من 30 سجنًا ومعتقلاً ومركز توقيف منها نفحة وعسقلان وبئر السبع، الرملة وشطة وجلبوع، مجدو وعوفر والنقب، تلموند، نيتسان، الدامون، المسكوبية، الجلمة..إلخ، وهذه السجون والمعتقلات تشهد ظروفًا قاسية وأوضاعًا لا إنسانية ومعاملة سيئة ووحشية، وتفتقر لأدنى شروط الحياة الآدمية، فهي سجون ومعتقلات قلما شهدها العالم وتتناقض بشكلٍ فاضحٍ مع أبسطِ حقوق الإنسان وأدنى حقوق المعتقل وازداد استفحال أزمة حقوق الإنسان بشكلٍ عام خلال انتفاضة الأقصى، وهذه السجون مُعدَّة كبدائل لأعواد المشانق، ففيها تجري أبشع عمليات القتل الـروحي والنفسي والتعذيب الجسدي والحرمان من كل شيء حتى إنَّ جدار الفصل العنصري امتد ليفصل ما بين الأسير وذويه وحرم الأسرى من ملامسةِ أصابع أطفالهم، وما رآه العالم من صورٍ عمَّا حدث في أبو غريب، فإنه يحدث منذ سنواتٍ وعلى مدار اللحظة في السجون الصهيونية.

 

فالأسرى الفلسطينيون والعرب في هذه السجون يعيشون ظروفًا أكثر سوءًا وقسوةً مما هي عليه في سجن "أبو غريب" الشهير، فالكيان "الذي يدَّعي الديمقراطية يعترف علنًا وصراحةً بتعذيب الأسرى، كما أنَّ أساليب التعذيب بحقِّ الفلسطينيين في السجون الصهيونية، تحظى بتأييد الجمهور الصهيوني الذي لا يؤنبه ضميره.

 

إجمالي عدد الأسرى موزعين حسب المنطقة:

- (10500 أسير) إجمالي عدد الأسرى الذين لا زالوا في الأسر وموزعين كالتالي: 

معتقلو المحافظات الجنوبية "قطاع غزة"

معتقلو المحافظات الشمالية "الضفة الغربية"

 

معتقلو محافظة القدس

معتقلو المناطق التي احتلت عام 1948م

المعتقلون من الدول العربية

 

بالنسبة للأسرى العرب فاعتمدنا بشكلٍ أساسي على الأرقام الواردة من لجان أهالي الأسرى في الجولان والأردن وما هو متوفر لدينا.

 

ملاحظة: بالنسبة للمعتقلين الإداريين تمَّ دمجهم مع المحكومين في الجداول أعلاه الأسرى حسب نوع الحكم


الأسرى المحكومون ( 5133 ) موزعين حسب سنوات الحكم

 

الحالة الاجتماعية للأسرى

إجمالي المعتقلين منذ ما قبل انتفاضة الأقصى (553) إجمالي عدد المعتقلين منذ ما قبل انتفاضة الأقصى وما زالوا في الأسر أي ما نسبته 5.3% من إجمالي عدد الأسرى، وجزء من هؤلاء معتقلون منذ ما قبل اتفاقية أوسلو وقيام السلطة الوطنية الفلسطينية في 4 آيار 1994م، وما يُطلق عليهم الأسرى القدامى وعددهم (367) معتقلاً، أي ما نسبته 3.5 % من إجمالي عدد المعتقلين، والجزء الثاني اعتقلوا بعد اتفاقية أوسلو وقبل اندلاع انتفاضة الأقصى (186) معتقلاً أي ما نسبته 1.8% من إجمالي عدد المعتقلين.

 

وموزعون جغرافيًّا على النحو التالي:

الأسرى القدامى

(367) عدد الأسرى منذ ما قبل اتفاقية أوسلو وقدوم السلطة الوطنية الفلسطينية في 4 آيار 1994م.

ولا زالو في الأسر أي ما نسبته 3.5% من إجمالي عدد الأسرى

 

أسرى عرب منذ ما قبل أوسلو

هذه القائمة من الأسرى القدامى تشمل ( 9 ) أسرى عرب وهم:

1- الأسير/ سمير سامي على قنطار معتقل منذ 22/4/1979م وهو من لبنان

2- الأسير/ بشير سليمان أحمد المفت معتقل منذ 12/8/1985م وهو من الجولان السورية المحتلة

3- الأسير/ ستيان نمر نمر والي معتقل منذ 23/8/1985م وهو من الجولان السورية المحتلة

4- الأسير/ عاصم محمود أحمد والي معتقل منذ 23/8/1985م وهو من الجولان السورية المحتلة

5- الأسير/ صدقي سليمان أحمد المفت معتقل منذ 23/8/1985م وهو من الجولان السورية المحتلة

6- الأسير/ سالم يوسف سلامة أبوغليون معتقل منذ 8/11/1990 وهو من الأردن

7- الأسير/ خالد عبدالرازق سلام أبوغليون معتقل منذ 8/11/1990 وهو من الأردن

8- الأسير/ سلطان طه محمد العجلوني معتقل منذ 13/11/1990 وهو من الأردن

9- الأسير/ أمين عبدالكريم أحمد الصانع معتقل منذ 18/11/1990م وهو من الأردن

 

الأسـيرات

اعتقلت قوات الاحتلال خلال انتفاضة الأقصى أكثر من (500) مواطنة بقيَّ منهن حتى الآن قرابة 115 أسيرة و(3) أسيرات وضعت كل منهن مولدها داخل الأسر خلال انتفاضة الأقصى، وهن ميرفت طه وقد تحررت، ومنال غانم والتي لا تزال معتقلة في حين تمَّ فصل ابنها عنها بعد أن تجاوز العامين، وسمر صبيح والتي وضعت مولودها قبل بضعة شهور ولا زالت في الأسر، كما ويقبع الآن مع المعتقلة عطاف عليان في سجن تلموند ابنتها عائشة الهودلي البالغة من العمر قرابة سنتين ويُذكر أنَّ المعتقلةَ عليان رهن الاعتقال الإداري.

 

ويعيش الأسيرات في ظروفٍ قاسية ويتعرضن لمعاملةٍ مهينة وغير إنسانية، وتفتيشات استفزازية وكثيرًا ما يخضن إضراباتٍ عن الطعام كشكلٍ من أشكالِ النضال للحصول على حقوقهن المسلوبة أو لأجل كرامتهن التي تُنتهك يوميًا من قِبل السجانين والسجانات.

 

الأطفال المعتقلون

- أكثر من 5000 طفل اعتقلوا منذ بداية انتفاضة الأقصى ( 28 أيلول 2000م).

قرابة 400 طفل منهم لا زالوا في الأسر والغالبية العظمى من هؤلاء الأطفال يتعرضون للتعذيبِ بأشكاله المختلفة وخاصةً وضع الكيس في الرأس والشبح والضرب، وهناك المئات اعتقلوا وهم أطفال وتجاوزوا سن 18 داخل السجن ولا يزالون في الأسر.

 

وهؤلاء الأطفال لا يحظون بمعاملةٍ خاصةٍ كونهم أطفالاً بل ومحرومون من أبسط حقوق الطفولة والتي تنص عليها اتفاقية الطفل، وهذا يشكل انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي الذي يُعطي الأطفال الحقَّ في عدمِ عزلهم عن أهلهم والاتصال الدائم بهم، ولكن حكومة الاحتلال تمنعهم من زياراتِ ذويهم بحججٍ أمنيةٍ واهية.

 

فحكومة الاحتلال تُعامل الأطفال الفلسطينيين المعتقلين بشكلٍ مخالفٍ للقواعدِ القانونية الدولية التي أقرَّها المجتمع الدولي، ومن ضمنها المواثيق التي وقَّع عليها الكيان الصهيوني نفسها, حيث يعاني الأطفال الأسرى من ظروفِ احتجازٍ قاسيةٍ وغير إنسانية تفتقر للحدِّ الأدنى من المعايير الدولية لحقوقِ الأطفال وحقوق الأسرى، وفق سياسة ممنهجة، كما يعانون كالمعتقلين الكبار من تفشي الأمراض والإهمال الطبي، والانقطاع عن العالم الخارجي، والحرمان من زيارة الأهالي، كما أنهم محرومون من حقهم في التعليم، وهذا كله يُؤثِّر سلبًا على مستقبلهم.

 

قرابة 36 نائبًا من المجلس التشريعي الجديد و4 وزراء من الحكومة الجديدة خلف القضبان
 منهم قرابة (25) نائبًا اعتقلوا منذ أواخر حزيران الماضي على خلفية أسر الجندي الإسرائيلي خلال عملية الوهم المتبدد، منهم النائب عزيز الدويك رئيس المجلس التشريعي، والأخ محمود الرمحي أمين سر المجلس التشريعي.

 

فيما كان معتقلاً من قبل (11) نائبًا منهم (7 نواب) محسوبون على حركة حماس، و(3) نواب محسوبون على حركة فتح، والنائب سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية.

 

كذلك لا يزال خلف القضبان (4) وزراء في الحكومة الفلسطينية من أصل (9) تمَّ اعتقالهم، وهم وزير المالية عمر عبد الرازق، ووزير الحكم المحلي عيسى الجعبري، ووزير شئون القدس خالد أبو عرفة، ووزير الأوقاف نايف الرجوب وأفرج مؤخرًا عن الوزير ناصر الدين الشاعر نائب رئيس الوزراء ووزير التربية والتعليم العالي، وكانت قد أفرجت سلطات الاحتلال عن وزير التخطيط سمير أبو عيشة بغرامةٍ ماليةٍ قدرها 5 آلاف شيكل وعن وزير شئون الأسرى والمحررين وصفي كبها بعد اعتقالٍ دام شهرًا، والوزير فخري التركمان وزير الشئون الاجتماعية بعد اعتقال دام 16 يومًا وبكفالةٍ ماليةٍ مقدارها عشرة آلاف شيكل والوزير محمد البرغوثي وزير العمل.

 

ويعتبر اختطاف واستمرار احتجاز النواب والوزراء انتهاك فاضح لأبسط الأعراف والمواثيق الدولية، كما تُشكِّل عدوانًا سافرًا على المؤسساتِ الشرعية الفلسطينية وحقوق الإنسان وحصانة النواب والوزراء بهدف تقويض السلطة وإضعاف الحكومة، وبالمناسبة ندعو الجامعة العربية والمؤسسات والمنظمات الدولية المعنية والدول الصديقة وكافة أحرار العالم، للتحرك العاجل والحثيث من أجل ضمان الإفراج عن كافة الوزراء والنواب بدون استثناء.

الأسرى حسب المدة التي أمضوها حتى أواخر العام الحالي 2006

 

وفقًا للجدول أعلاه يكون عدد المعتقلين الذين أمضوا أكثر من عشرين عامًا (64) معتقلاً
منهم سبعة (7) أسرى أمضوا أكثر من ربع قرن ولا زالوا في الأسر وهم:

1 - سعيد وجيه سعيد العتبة

من نابلس ومعتقل منذ 29/7/1977م، أعزب ومن مواليد 1951م وموجود في سجن عسقلان ومضى على اعتقاله أكثر من 29 عامًا وهو أقدم أسير فلسطيني.

2- نائل صالح عبد الله برغوثي

من رام الله ومعتقل منذ 4/4/1978م، أعزب ومن ومواليد 1957م وموجود في سجن عسقلان، ومضى على اعتقاله أكثر من 28 عامًا.

3- فخري عصفور عبد الله البرغوثي

من رام الله ومعتقل منذ 23/6/1978م

متزوج ومن مواليد 1954م وموجود في سجن عسقلان، وقد مضى على اعتقاله أكثر من 28 عامًا، وقد التقى بنجليه قبل شهور في السجن.

4- الأسير العربي/ سمير سامي علي قنطار

من لبنان ومعتقل منذ 22/4/1979م، أعزب ومن مواليد 1962م وموجود في سجن هداريم، وقد مضى على اعتقاله أكثر من 27 عامًا.

5- أكرم عبد العزيز سعيد منصور

من قلقيلية ومعتقل منذ 2/8/1979م، أعزب ومن مواليد 1962م وموجود في سجن عسقلان، وقد مضى على اعتقاله أكثر من 27 عامًا.

6- محمد إبراهيم محمود أبو علي - من يطا الخليل ومعتقل منذ 21/8/1980م

متزوج ومن مواليد 1956م وموجود في سجن بئر السبع، وقد مضى على اعتقاله أكثر من 26 عامًا.

7- فؤاد قاسم عرفات الرازم

من القدس ومعتقل منذ 30/1/1981م، أعزب ومن مواليد 1958م وموجود في سجن هداريم، وقد مضى على اعتقاله قرابة 26 عامًا.

(117) معتقلاً أمضوا أكثر من 15 عامًا وأقل من 20 عامًا

 

الأوضاع الصحية

وتطرَّق السيد عبد الناصر فروانة في تقريره إلى الأوضاع الصحية قائلاً أن الظروف الحياتية والمعيشية الصعبة التي تشهدها السجون الصهيونية بالإضافة للمعاملة القاسية والمهينة وانتهاج سياسة المماطلة والتسويف في علاج المرضى والإهمال الطبي المتعمد، كل هذا يؤدي إلى التسبب بأمراضٍ عديدةٍ لدى المعتقلين، كما يؤدي إلى استفحال بعض لأمراض، ومن ثَمَّ يصعب علاجها، ويمكن القول وبدون مبالغةٍ بأن كافة المعتقلين يعانون من أمراضٍ جسديةٍ ونفسيةٍ مختلفةٍ نتيجةً لتلك الظروف اللاإنسانية، ولكن هناك قرابة (1200) معتقلاً يعانون من أمراضٍ مختلفة تستدعي العلاج الفوري والضروري، وإهمالها يؤدي إلى تفاقم واستفحال تللك الأمراض، ومن هؤلاء قرابة (250) معتقلاً يعانون من أمراضٍ غاية في الصعوبة وبعضها مزمنة مثل القلب والغضروف والمفاصل وضعف النظر والمعدة، وأمراض نفسية خطيرة.

 

كما أنَّ هناك العشرات من المعتقلين بحاجةٍ لإجراء عمليات جراحية عاجلة وملحة لإنقاذ حياتهم وفيهم مسنون، وأطفال، ونساء رفضت الإدارة نقلهم للمستشفى، وهناك مَن اعتقلوا وهم مصابون بالرصاص ولا زالت الرصاصات في أجسادهم، ولا زالوا يعالجون بحبةِ الأكامول السحرية التي يصفها الأطباء لجميع الأمراض على اختلافها ومدى خطورتها.

 

وأوضح فروانة أن "عيادات" السجون تفتقر لأطباء مختصين كأطباء العيون والأسنان والأنف والأذن والحنجرة، وعدم وجود مشرفين ومعالجين نفسيين، وافتقارها أيضًا إلى الأدوية المناسبة، وهذا يتناقض والمادة 91 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تنصُّ على أنه "يجب أن تتوفر في كل معتقل عيادة مناسبة يشرف عليها طبيب مؤهل ويحصل فيها المعتقلون على ما يحتاجونه من رعايةٍ وكذلك على نظامٍ غذائي مناسب".

 

دور الطبيب اللاإنساني

بالإضافة لذلك يأتي دور الطبيب حيث يتعامل مع الأسير المريض على أنه عدو وليس إنسانًا، وأحيانًا كثيرة يمارس التعذيب معه ويؤلمه أو يهمله يتألم عن قصد، وفي بعض الأحيان يتم ابتزاز المعتقل المريض ومساومته بتقديم العلاج له مقابل التعامل معهم، وهذا يتنافى مع مهنةِ الطب التي تعتبر إنسانية بحتة.

 

التعذيب في السجون والمعتقلات

وفيما يتصل بالتعذيب في السجون والمعتقلات الصهيونية، أكد فروانة أن "الكيان" هو الدولة الوحيدة في العالم التي جعلت من التعذيب- المحظور والمحرم دوليًّا بكل أشكاله الجسدية والنفسية- قانونًا، وشرعته في مؤسساتها الأمنية والقضائية ومنحته الغطاء القانوني، وتكافئ مَن يمارسه، ولهذا ابتدعت أجهزتها الأمنية أكثر من سبعين شكلاً جسديًّا ونفسيًّا منها الضرب، الوضع في الثلاجة، الشبح، الهز العنيف، الوقوف فترة طويلة، الحرمان من النوم، الحرمان من الأكل، العزل، الضغط على الخصيتين، تكسير الضلوع، الضرب على الجروح، اعتقال الأقارب وتعذيبهم أمام المعتقل، البصق في الوجه، التكبيل على شكلِ موزة، الضرب على المعدة وعلى مؤخرة الرأس.. إلخ.

 

ولكن من الملاحظ بأن الضرب هو الأكثر تداولاً حيث إنَّ 99% من المعتقلين تعرضوا للضرب، هذا في الوقت الذي يتعرض فيه الغالبية العظمى من المعتقلين لأكثر من شكلٍ بل لعدة أشكال، ونتيجةً لذلك استشهد العشرات من المعتقلين في أقبية التحقيق والعشرات بعد التحرر بسبب آثار التعذيب، وعانى ولا زال يُعاني الآلاف من الأسرى المحررين من آثاره وتوابعه الخطيرة.

 

وليس كل من تَعرَّض للتعذيب نجا من الموت ليحدثنا عمَّا تعرَّض له، كما ليس كل من نجا لديه القدرة على الحديث، ولكن هناك الكثير مِمَن نَجوا تحدثوا وبمرارة عمَّا تعرضوا له، وهناك مَن لا زالوا متأثرين من ذلك رغم مرور سنوات طوال على تحررهم.

 

والأبشع من ذلك وحسب ما كشفت عنه صحيفة "هآرتس الصهيونية" قبل شهور بأن المحققين الصهاينة يستمتعون بتعذيب الأسرى، وأنَّ كل فلسطيني أصبح عدوًا وأن أسباب هذه التصرفات اللاإنسانية مع الأسرى هو شعور المحقق والجندي أنه لن يُحاسب على أفعاله وأنه سيحظى بإسنادٍ من رفاقه وقادته، ولم يسبق أن تمَّ تقديم أي مسئول صهيوني للمحاكمة والمساءلة عن جرائم حربٍ ارتكبت في أقبيةِ التحقيق والسجون؛ لأن القانون الصهيوني أعطى الحمايةَ للمحققين ولم يسمح بملاحقتهم.

 

شـهداء الحركة الوطنية

(183 أسيرًا) استشهدوا بسبب التعذيب أو القتل بعد الاعتقال أو الإهمال الطبي، كان آخرهم الأسير سليمان محمد محمود درايجة، الذي استُشهد بتاريخ 26/4/2006 في سجن "هشارون" نتيجةً للإهمال الطبي من قِبل إدارة السجن، ويُذكر أنَّ الأسيرَ الشهيد سليمان درايجة (23 عامًا)، هو من سكان الطيبة في المثلث من داخل أراضي 48، وكان قد حكم عليه بالسجن لمدة 7 سنوات.

 

توزيع شهداء الحركة الوطنية الأسيرة حسب المنطقة

وفي هذا الصدد يقول السيد عبد الناصر فروانة- مدير دائرة الإحصاء- إن هناك المئات من الأسرى استشهدوا بعد التحرر بأيامٍ أو بشهور وسنوات بسبب آثار التعذيب والسجن وسياسة الإهمال الطبي المتبعة في السجون الصهيونية.

 

وبالتالي نحن أمام جيشٍ من الضحايا منهم من توفَّى وفارق الحياة خلف القضبان أو بعد الانعتاق، ومنهم الآلاف ينتظرون... وبحكم علاقاتنا وعملنا، ومن خلال متابعتنا للشهداء والمرضى من هذه الشريحة، بات الواحد منا يشعر بأن آثار السجن تُلاحقه باستمرار ويخشى المرض اللعين ويتوقع الموت في كل لحظة، رغم إيماننا بالله عز وجل وبالقدر وبالموت القادم لا محالة، ولكن لكل موتٍ سبب وقد يكون السجن والتعذيب وآثارهما هما السبب في موت الآلاف من الأسرى المحررين.

 

القتل العمد

ويضيف فروانة بأنه إذا كنا قد تطرقنا أعلاه إلى الإهمال الطبي والتعذيب، فلا بد أن نذكر هنا سياسة القتل العمد بعد الاعتقال، وهذه سياسة قديمة جديدة مُورست بحقِّ الأسرى منذ السنوات الأولى للاحتلال، لكنها تصاعدت بشكلٍ ملحوظٍ خلال انتفاضة الأقصى (47 شهيدًا).

 

وتُنفذ هذ السياسة بأشكال عديدة فإما أن تتم تصفية الأسير بعد اعتقاله مباشرةً من خلال إطلاق النار عليه بشكلٍ مباشرٍ عند إلقاءِ القبض عليه ومن مسافةٍ قريبةٍ جدًا، أو نقله إلى مكانٍ ما وإطلاق النار عليه والادعاء أنه هرب من السجن، أو إطلاق النار عليه عن بُعد والادعاء أنه حاول الهرب رغم إدراكهم أنه غير مسلح ومن السهولة إلقاء القبض عليه.

 

أو التنكيل بالمعتقل المصاب والاعتداء عليه بالضرب وتعذيبه وعدم السماح بتقديم الإسعافات الطبية للأسير الجريح وتركه ينزف بشكلٍ متعمدٍ حتى الموت.

 

الخلاصة

ندعو بشكلٍ خاصٍّ اللجنة الدولية للصليب الأحمر، لتوجيه مندوبيها وطواقمها الطبية لزيارة كافة السجون والمعتقلات الصهيونية بصورةٍ عاجلةٍ للاطلاعِ على الأوضاع القاسية واللاإنسانية هناك، والتي تتنافى وكافة المواثيق والأعراف والاتفاقيات الدولية والضغط على حكومة الاحتلال لإجبارها على احترام المواثيق الدولية التي تكفل حقوق الأسرى والمعتقلين وخاصةً اتفاقية جنيف.

 

وعلى المجتمع الدولي ودعاة السلام والديمقراطية في العالم أن يدركوا بأن قضية الأسرى هي قضية مركزية بالنسبة للشعب الفلسطيني، وهي بوصلة الإستقرار في المنطقة وأكثر الناس تواقون للعيشِ بسلام، ولكي يتحقق السلام ولكي يُكتَب لأي اتفاقٍ النجاح لا بد من الإفراج عنهم جميعًا دون قيدٍ أو شرط أو تمييز.

 

كما نُناشد كافة المؤسسات الحقوقية والإنسانية ووسائل الإعلام المختلفة المرئية والمسموعة والمقروءة إلى تسليطِ الضوء على قضيةِ الأسرى ومعاناتهم وفضح الممارسات التي تُمارس ضدهم من قِبل قوات الاحتلال، والعمل الجماعي الجاد والحثيث من أجل إبقاءِ قضيتهم حية، لحين الإفراج عنهم جميعًا.

 

دعوة لزيارة أسر الأسرى وذوي الشهداء

وبمناسبة عيد الفطر السعيد ندعو كافة المؤسسات المعنية بقضية الأسرى وكافة الناشطين في هذا المجال على تنظيم فعاليات تضامنية لمساندة أسرانا، كما ندعو جماهير شعبنا عامة بزيارة أسر وذوي وأطفال الأسرى والوقوف بجانبهم ومشاركة أطفالهم فرحة العيد، كما ندعو الجميع لزيارة ذوي شهداء الحركة الوطنية الأسيرة فهؤلاء الشهداء سطروا بدمائهم صفحات مضيئة وكتبوا حروف تاريخ الحركة الأسيرة المشرق بدمائهم، وساهموا بتلك الدماء في تحقيق انتصارات عديدة للحركة الأسيرة فهم مفخرة لنا وتيجانًا على رؤوسنا.

 

فلقد آن الآوان أن يلتفت العالم أجمع قليلاً نحو ما يجري داخل السجون والمعتقلات النازية في الكيان الصهيوني لينظر بعينيه إلى إرهاب الاحتلال المنظم من خرق مواثيق الأمم المتحدة المتعلقة بحفظ حقوق الإنسان والاتفاقات الدولية حول معاملة الأسرى والسكان المدنيين زمن الحرب.

----------

* ملاحظة: من الأهمية بمكان التنويه بأن الأرقام تقريبية وليست دقيقة 100%، وذلك لعدة أسباب أهمها أن الأسرى العسكريين والذين لا يتقاضوا رواتب من الوزارة غير مسجلين بالكامل ضمن البيانات المتوفرة لدينا، كما أن هناك المئات من الأسرى الجدد الذين لم تستكمل إجراءات تسجيلهم، وهناك المئات من الأسرى الجدد غير مسجلين أصلاً لدى الوزارة، وعليه تبقى هذه الأرقام والنسب تقريبية.