إن قضية فلسطين هي قضية الإسلام!! والمسجد الأقصى ليس أثرا عربيا إنما هو معلم إسلامي بعين جميع الأجناس التي اعتنقت هذا الدين. والأرض من الفرات إلى النيل هي الامتداد الزماني والمكاني لجهاد السلف الأول الذي قضى على الإمبراطوريات الكسروية والقيصرية، وأقام الحنيفية السمحة في هذه الأرجاء. وضياع الأقطار الإسلامية من الفرات إلى النيل معناه ضرب الوسط تمهيدا للإجهاز على بقية الأطراف في الشرق والغرب.
إن المؤامرة على الإسلام هائلة وإذا لم نصحُ من غفلتنا فستحيق بنا اللعنة.

إن اليهود منذ جاءوا إلى فلسطين أيام الاحتلال البريطاني لم يفكروا في صلح ولم يخطر ببالهم إلا إقامة إسرائيل الكبرى وقد أعنَّاهم على أنفسنا بفرقتنا المؤسفة وتحوُّل العرب والمسلمين إلى شراذم مهتمة بمآربها الصغرى مغطاة العين عما يراد بها.

أريد أن أقول لمن تخدعهم صيحات الصلح: إننا نؤمل في سراب وإن أعداءنا ماضون حسب مخططهم الديني المعروف. ولن ننجو من أحابيل الخصوم الظاهرين والأخفياء إلا بعودتنا إلى الإسلام في قوة تعادل أو تزيد على عودة خصومنا إلى مواريثهم واستمساكهم بدينهم وحماسهم لمقدَّساتهم

بين العرب اليوم سباق إلى مصالحة إسرائيل والرضا بالهزيمة المذلّة وأول مَن سنّ هذه السنّة الرئيس أنور السادات. لأنه ورث عن جمال عبد الناصر عروبة مقطوعة عن الإسلام مربوطة بقومية مجرّدة وجاهلية عمياء حرمته كل توفيق وأذاقته الموت قبل أن يحين أجله! إنني أرمق أوضاع العرب السياسية فأشعر بغصّة وسيبقى العرب ينحدرون ما داموا يرفضون الإسلام تربية وثقافة وشريعة وفلسفة وشارة حياة ودعامة مجتمع وسيبقى الصلف اليهودي يتورم وتنفخ فيه الدول الكبرى ما بقي العرب زاهدين في الإسلام.. وسيبقى قادتنا أصحاب عضلات من حِزَق إلى أن يرجع الإيمان التائه إلى القلوب الفارغة، وتعود الأخلاق إلى المسالك المعوجة.

نحن المشكلة.. ونحن الحل
تخلُّفنا الحضاري جريمة نحمل نحن عارها ولا يحمله الآخرون عنا وإن الأخطاء أو الخطيئات التي ارتكبها المسلمون داخل أرضهم هي التي استدعت القوات الأجنبية للمجيء من الخارج وإن العلاج ليس فتوى مضحكة بإعلان الجهاد وإنما هو إعادة ترتيب البيت كله ليعود للعقل الإنساني مكانه وللخلق الإنساني مكانه.
إن دين الفطرة لا دور له في بلاد تحيا على التصنُّع والتكلُّف والمراءاة والكذب.

إن الذين يعيشون فكر المؤامرة كأنهم يعطون أنفسهم صك البراءة وإعفاء الذات من المسئولية وهذا يتناقض مع الخلاصة القرآنية: (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى).
الانتكاس والعيب بسبب ذاتنا المثقلة بالذنوب والخطايا فكبرياء السلطة عندنا وذل الجماهير عندنا وركود الرأي العام عندنا وانشغال العلماء بأسقط القضايا عندنا فبأي وجه يلقى المسلمون الناس؟ ثم بأي وجه يلقون ربهم؟
ليست مصيبتنا من قلّة السلاح ولا قلة المال، ولا من قلة العدد! إن مصيبتنا نابعة من أنفسنا وحدها، وما لم تتغير النفوس فلن يتغير ما بنا.
إذا كنا راضين عن أنفسنا – وتلك أحوالنا – فستبقى هذه الأحوال حولنا كما يبقى الظل الأعوج مع العود الأعوج.
.......
من كتاب: "الحق المر"