"مواجهة المشكلات وحماية أولادنا من الانكسار النفسي وصنع عداوات لا مبرر لها، أو الانحناء أمام الأزمات، تحديات تواجه الأسر التي ترغب في الحصول على حياة ناحجة متوازنة لأولادها، ولكن كثيرا منهم يقعون في أخطاء تؤثر تأثيرًا سلبيا على اعتزازهم بأنفسهم كما تنال منهم دينيًا ودنيويًا.

وبحسب تربويين فإن أهم الأخطاء الشائعة وأخطرها المبالغة بحماية أولادنا "بوضعهم في صُوبات ونصنع عوازل تبعدهم عن رؤية أي شرور بالواقع"، كما نقدم لهم صورًا وردية لا وجود لها بالحياة عن الناس، وكيف أن الجميع يتمنون لنا الخير ولا يقصدون أي إساءة، ويفعل البعض ذلك حتى لا يصدم الأطفال خاصة، والمؤكد أن الواقع لن يرأف بهم، ولن يجنبهم المشكلات وعندئذ ستكون الخسائر أكبر.

وأوصا بإخبار الطفل منذ بداية وعيه حقيقة أن الحياة بها خير وشر، وأن يكون ذلك بجرعات قليلة وعلى فترات؛ كما نعطيه التطعيمات ضد الأمراض، ونخبره أن الله عز وجل خلقنا ومنحنا القوة لمواجهة ما نكره بالدنيا، وأننا وحدنا من نضعف أنفسنا، وإذا ردوا: ولماذا نجد ما يزعجنا بالحياة؟ نرد بهدوء: لأننا بالدنيا ولسنا بالجنة، وعندما ننجح في تصرفاتنا سنفوز بحياة ممتعة وسعيدة بلا منغصات بالجنة.

المبالغة في الرعاية
ومن الأخطاء أيضا هي جزع الأهل عند مرض الطفل، مما يزرع لديه شعور دائم بحاجته للرعاية، وأحيانا يقوم بعض الأطفال بتمثيل المرض أو ادعاء عدم الشفاء ليستمر بالحصول على الرعاية الزائدة، لذا فلابد للواليدن أن يفرق بين  بين الحنان والجزع؛ فالأول مطلوب ويفيد الطفل، والثاني مرفوض ويؤذيه.

كما يجب أيضا الابتعاد عن اللوم أثناء مرضه، نظرً لأن الطفل أيًا كان عمره- يكون غاضبًا ومتألمًا، ويفتش عن مخرج لأزمته، وآخر ما يريده هو اللوم؛ فليتماسك الأهل وليساعدوه –ما استطاعوا- أو ليخبروه بكلمات قليلة بأن الأمور ستسير على خير؛ فالإسراف بالكلام يصيب الابن عندئذ بالتوتر، ويفقده التركيز، وقد يدفعه ليحتد على الأهل.
وأكد خبراء الأسرة أن يتوجب على الوالدين أن يعلموا أبنائهم الاعتدال عند الأزمات؛ فلا يبالغ بها وكأنها مسألة حياة أو موت أو كارثة لا يمكنه تحملها، ولا يتعامل معها بلا مبالاة وكأنها غير موجودة.

التعامل مع المشكلات والبكاء
يقع الوالدن في أخطاء عن تعامل أبنائهم مع المشكلات بالبكاء، لذا إذا بكى الابن فلا تقل: أنت رجل لا تبكِ، ولا تسمح للبنات بالمبالغة بالبكاء عند المشكلات، وننبهن للفروق الهائلة بين الرقة والضعف، كما راقب كيف يتصرف؛ وهناك بعض الأخطاء يجب الانتباه لها وهي:

لا تقل لابنك مهما أخطأ: لو كان فلان بموقفك لما وقع بمشكلتك، حتى لو كنت تثق بذلك؛ فستضايقه، ولن تساعده، وستصنع حاجزًا نفسيًا يحرمه الاستفادة من نصائحك؛ واهتم بتوضيح طرق عملية لمساعدته.

لا تقل لابنك: أنت تقع كثيرًا بالمشكلات أو تصنعها أو تستحقها؛ فسيبدو وكأنه هجوم عليه وسبب للدفاع عن نفسه، ولن يصغي لنصائحك، ولو قال: المشكلات تحاصرني؛ رد: من يقع كثيرًا أثناء السير فالسبب لأنه لا ينتبه للطريق؛ فتعلم التركيز ولا تكرر مشكلاتك واستفد منها، وعلّمه كتابة خبراته من المشكلات التي يتعرض لها، أيًا كان نوعها، وأن يجمعها تحت عنوان «الانتصارات» في دفتر خاص، ليقرأها خاصة أثناء الأزمات؛ فيضاعف قوته الداخلية وثقته بنفسه، ولا ينساها ولا يكررها.

علّمه ألا يوقف حياته أثناء المشكلات، وأن يواصل الاهتمام بطعامه وبمظهره وبالحصول على قسط جيد من الراحة والنوم، ليساعده على مواجهة أفضل لها، ولا تسمح له بالعصبية أو بالحدة معك أو مع إخوته أثناء أزماته، وارفض ذلك بحزم، وأخبره أن ذلك ليس مقبولًا ولن يتحمله أحد، فلا ذنب لهم فيما تعانيه، وليس من الذكاء إضافة مشكلات جديدة لنفسه بسوء التعامل مع أهله أو أصحابه.

لا تقل له أبدًا: ما دمت أنا بالحياة لا تحمل هموم مواجهة المشكلات؛ فسيصبح اعتماديًا، وسيشعر بالخذلان عندما تضيق بتكاسله عن تدبير أموره، وستضعف ثقته بنفسه؛ والأفضل أن تقول له: ثق أن الله سيكرمك وسيعينك متى لجأت إليه بصدق ولم تعجز، ثم بحثت عن أفضل الحلول ولم تتسرع وقمت بتنفيذ الحل بدقة وبلا تعجل للنتائج التي ترغب بها؛ وعلّمه الفرح بأي انفراجة، وألا يؤجل ذلك لانتهاء المشكلة، وأن يشكر الله تعالى دومًا.

علّمه أن تجاهل مواجهة المشكلات عند بدايتها سيجعلها أصعب، وسيبذل مجهودًا مضاعفًا مضطرًا لمواجهتها؛ كتجاهل شرارة نيران على سجاد، فلن تنطفئ وحدها وستكبر بغفلة منه.

لا تقل عندما يقع بنفس المشكلة: لا فائدة منك، ولا تتجاهل ذلك وكأن التكرار أمر طبيعي، ونبهه بلطف وبحزم.

وعندما يقع بمشكلة رغم تنبيهك له ليتجنبها، فلا تقل: ألم أقل لك، واهتم بتوضيح الضرر الذي وقع به وكيف يتخلص منه، فلا يتحول الأمر وكأنك تنتصر لرأيك السابق.

علّمه شكر الله سبحانه وتعالى بعد انتهاء المشكلة وألا يتحدث عنها؛ فيركز على الضرر الذي وقع عليه حتى لا يعتاد التحسر على النفس، وهو أسوأ ما يمكن فعله بنفسه، والأذكى أن يسارع بمحو الذكريات السيئة، ويدخر عمره وطاقاته لفعل ما يفيده دينيًا ودنيويًا، ولا ينظر للماضي إلا للتعلم منه.