على مدى تاريخ مصر الحديث؛ سواء في مرحلة الاحتلال البريطاني أو ما بعد الاستقلال؛ كان طلاب مصر في قلب الأحداث والقضايا الوطنية، وفي طليعة القوى الاحتجاجية الكبرى، وإذا كان الطلبة قد أدَّوْا دورًا سياسيًّا مهمًّا في بلدان مثل فرنسا حين أطلقوا الحركة الاحتجاجية عام 1968، أو في الثورة الإيرانية عام 1979، فإن المؤرخ الفرنسي والتر. ز. لاكير يرى في كتابه: "الشيوعية والقومية في الشرق الأوسط" الصادر عام 1956 أنه لا يُوجد مجتمع أدَّى فيه الطلاب دورًا وطنيًّا كما حدث في مصر؛ ففي ظلِّ الاحتلال البريطاني لمصر كان الطلاب جزءًا فاعلاً في كل الاحتجاجات والانتفاضات المطالبة بالاستقلال؛ لاسيما في ثورة 1919 وما بعدها، حتى ثورة 23 من يوليو عام 1952.

وفي مرحلة ما بعد الاستقلال شهدت الحركة الطلابية حالات من المدِّ والجزر؛ فبعد سنة 1952 بدأت مرحلة جديدة من الانحسار في النشاط الطلابي؛ وذلك بعد أن سعى النظام الجديد إلى تأميم الفضاء العام واحتوائه، بما فيه العمل السياسي داخل الجامعات؛ لكن على الرغم من كل سياسات التضييق والحصار -التي مارستها الأنظمة المتعاقبة في ظلِّ جمال عبد الناصر ومرورًا بأنور بالسادات وانتهاء بالمخلوع حسني مبارك- لاحتواء الحركة الطلابية ومحاصرتها؛ فإنها لم تنجح في ذلك بشكل كامل، فلم يَغِبِ الطلاب عن أي استحقاق وطني كبير طوال هذه السنوات؛ بل كانوا في مقدمة الصفوف وشكَّلوا دائمًا رقمًا مهمًّا في المشهد السياسي.

 وعلى ضوء هذه الخبرة، كان طبيعيا أن يتصدر الطلاب المشهد السياسي الاحتجاجي بامتياز، خاصة في ثورة 25 من يناير وبعدها؛ حيث كان طلاب الجامعات مكونا أصيلاً من مكوناتها ووقودها؛ فقد وجد الطلبةُ في هذه الثورة -مثلهم مثل باقي فئات المجتمع- فرصة لانتزاع حريتهم في التعبير والممارسة السياسية؛ التي حرمتهم منها السلطات المتعاقبة سنوات طويلة.

وتحمل طلاب مصر الرافضون منهم لحكم العسكر، والمناضلون في سبيل الحرية والعدالة الاجتماعية الكثير منذ انقلاب يونيو 2013، لم يفرق الانقلاب وطغمته الحاكمة بين طالب ثانوي أو إعدادي أو جامعي، حدثا كان أم بالغا، وضع ما يزيد عن 30 ألف طالب بالسجون، وما زال 5 آلاف منهم خلف القضبان، وحتى 17 نوفمبر 2017، ووصل عدد من تم قتلهم نحو 3500 طالب منهم 245  جرى قتلهم خارج إطار القانون بعدما أخفى نحو 5000 آلاف طالب، وفصل تعسفيا نحو ١٥٠٠حالة، وحول مقار إخفائهم الأمنية إلى ثلاجة ينتقي منها ويذبح في كل مناسبة ثورية.
وبحسب تقارير حقوقية، فإنه من بين 5000 آلاف معتقل آخرين، يقبعون الآن في سجون الانقلاب بين بلا محاكمة أو على ذمة أحكام أو حصل على البراءة واعاد الانقلاب تدويره، وضعهم على قائمة إعدامات ليكونوا مثل الأقمار التسعة الذين أعدهمهم قبل نحو عامين، ومنهم الشهيد محمود الأحمدي وأحمد وهدان، وتهديدا لهم إن فكروا في استعادة ثورة يناير باعتبار الطلبة والعمال رأس حربة في تنظيم أي ثورة.
ويرى مراقبون أن كثافة الضغط على الطلاب كانت بسبب مشاركتهم الفاعلة إبان ثورة يناير، خاصة من مشاركات طلاب جامعتي القاهرة والأزهر في دفع المد الثوري للأمام لدى الأيام الأولى من يناير 2011.

أرقام "ويكي ثورة"
 

وبدت الحاجة إلى إحصاء يخص الطلاب، خاصة بعد إغلاق منافذهم الإعلامية ومنصاتهم على مواقع التواصل، بعد اعتقال من يديرونها من الطلاب، ومنها منصات "طلاب ضد الانقلاب" و"مرصد طلاب الحرية"، بالرغم من تقديم إحصاءات عبر موقع «ويكي ثورة» الذي قدر أعداد الشهداء والمحتجزين بين الطلاب منذ 30 يونيو 2013، وحتى 15 ابريل 2014. فأفاد بمقتل 299 طالبًا واحتجاز 3657 قيد الحبس والاتهام، منذ الانقلاب على الرئيس الشهيد محمد مرسى.
"ويكي ثورة" قال إن 19 طالبًا، ارتقوا شهداء داخل الجامعات، والبقية في محيطها أو خلال أحداث العنف، وأن 210 من الضحايا من طلاب التعليم الجامعي، و53 من طلاب الثانوية، و8 طلاب في المرحلة الإعدادية و28 لم تحدد مرحلتهم التعليمية، وأن جامعة الأزهر استحوذت على نصيب الأسد من الضحايا بـ73 شهيدا، منهم 65 من طلاب جامعة الأزهر في القاهرة، والبقية من «أزهر المنصورة وكفر الشيخ وأسيوط وسوهاج وقنا".
واحتلت جامعة القاهرة المركز الثاني بشأن عدد الضحايا، بـ25 شهيدا، ثم عين شمس بـ13 شهيدا، فيما تصدر المعهد العالي للهندسة والتكنولوجيا بالعاشر قائمة الجامعات الخاصة بـ17 قتيلاً. وسقط طالب من كل من الجامعة الأمريكية والكندية والروسية.
وتصدرت جامعة الأزهر قوائم الجامعات بشأن ضبط أكبر عدد من طلابها بـ1266 قيد الحبس والاتهام، منهم 1002 بجامعة الأزهر بالقاهرة وحدها، و113 فرع الأزهر بأسيوط، و56 بالمنصورة، والبقية بجامعات الأزهر في الزقازيق والإسكندرية وطنطا وأسيوط وسوهاج وقنا وأسوان".
بينما تصدرت جامعة المنصورة الجامعات الحكومية بـ 275 طالبا معتقلاً، ثم الزقازيق 220، والإسكندرية 177 والقاهرة 125، وعين شمس 112، وأسيوط 104 والمنوفية 102.
وأسفرت هذه الشهور الأولى عن ضحايا من الطلاب الذكور 289، بينهم 96 قاصراً، ومن الإناث 10، بينهن 4 قصر، وأن المحتجزين الذكور 3420، بينهم 229 قاصرًا، و237 فتاة محتجزة، بينهن 40 قاصرًا.

تقرير من سجن المنيا
 

ومن آخر التقارير التي نشرت عن أوضاع الطلاب بالمعتقل أشار مركز "الشهاب لحقوق الانسان" إلى استغاثة لإنقاذ طلاب معتقلين بسجن المنيا من الإنتهاكات بحقهم.
والحدث كان في ١٢ يوليو ،2018 وقع لنحو ٣٥ طالبا من مختلف الأعمار، فاستقبلهم رئيس مباحث السجن ومجموعة من أمناء الشرطة وتم أخذ كل شيء معهم.
واعتدى الضابط أاحمد جميل على المعتقلين بالضرب، بالاضافة لحرق ما كان بحوزتهم، وأدخلوهم جميعا عنابر الإيراد وتم منع الماء إلا كل أربعة أيام لمده ساعتين وأغلقوا "الكانتين" الموجود عند الزنازين والموجود في الزيارة لدرجة أن الجميع فى الزيارة كان يعاني من العطش.
المعتقلون قالوا لذويهم أنهم يتيممون للصلاة، ويقومون بالاستحمام طبقا لجدول يضم 35 شخصا، لندرة المياه، ومنع وجود أى شئ من أجل تخزين الماء وتم حلق الشعر بطريقه غريبة كنوع من الإهانة.


طلاب المنصورة

 

واهتمت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، بتنفيذ سلطات الانقلاب العديد من أحكام الاعدامات بحق الطلاب ومنها؛ حكم الإعدام بحق طلاب بحق 3 من رافضي الانقلاب، بعد اتهامهم بقتل نجل أحد القضاة، وقالت إنهم تعرضوا للتعذيب للإدلاء باعترافاتهم.
واشارت إلى أنه تم تعذيبهم بالصدمات الكهربائية، والضرب في محبسهم، وطالب مايكل بيج، نائب مدير المنظمة الدولية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، النظام الانقلابي  بـ"حظر تنفيذ أحكام الإعدام، الأمر الذي يضخم قسوة المحاكمات الجائرة".
ومنعت السلطات في مصر إقامة جنازات للشبان الشهداء الثلاثة الذين أعدمتهم، وفرضت إجراءات مشددة لتشييعهم، اقتصرت على عدد قليل من أقاربهم قاموا بأداء الصلاة عليهم في المسجد فجراً ودفنهم بشكل سريع.
وفي يوليو 2016، أصدرت محكمة جنايات المنصورة حكماً بالإعدام شنقاً بحق خمسة أبرياء، قالت إنهم ينتمون لـ"جماعة الإخوان المسلمين"، بينهم الثلاثة الذين نُفّذ الحكم بإعدامهم اليوم.