"حوار نوح عليه السلام مع ابنه في سورة هود"

(ونادى نوح ابنه وكان في معزل، يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين ).

قال "الابن": (سآوي إلى جبل يعصمني من الماء).

قال "الأب" :(لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم ).

(وحال بينهما الموج فكان من المغرقين ).

فهذا حوار أسري بين الأب وابنه يعكس أداباً آخرى من أدب الحوار الأسري:

  1. الرحمة في الخطاب:

فكما أن الصغير يؤمر بتوقير الكبير؛ فالكبير أيضاً ينبغي أن يرحم الصغير، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف حق كبيرنا".

وهكذا تجد خطاب نوح عليه السلام لابنه تفيض منه الرحمة والرأفة، وهو يناديه بتلك الوشيجة "البنوة" : (يابني اركب معنا).

  1. حرص الأنبياء على تربية أبنائهم ودعوتهم:

إن من أكبر المسئوليات وأعظم الآمانات في أعناق الآباء تربية أبنائهم، ودعوتهم لكل خير ونهيهم عن كل شر. و ها هو نبي الله نوح عليه السلام يؤدي هذه الأمانة، ويقوم بهذه التبعة فينادي ابنه نداء المشفق ويحاوره حوار المخلص: يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين. وسار على نهجه إبراهيم عليه السلام: (ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون ). .البقرة ، الآية : 132 . (أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ ٱلْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنۢ بَعْدِى قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ ءَابَآئِكَ إِبْرَٰهِۦمَ وَإِسْمَٰعِيلَ وَإِسْحَٰقَ إِلَٰهًا وَٰحِدًا وَنَحْنُ لَهُۥ مُسْلِمُونَ ..) البقرة ، الآية: 133. وها هو خاتمهم صلى الله عليه وسلم يقول لابنته مشفقاً ومحذراً ومرشداً: "يافاطمة، أنقذي نفسك من النار، فإني لا أملك لكم من الله شيئاً".

فهل قام الآباء بهذه الأمانة؟.. وهل اقتفوا هذه السنة التي تواتر عليها الأنبياء؟ . . إن الذي ينظر إلى تلك الفئات الكثيرة من الشباب الضائع الذين يقضون ساعات ليلهم وزهرة أعمارهم في مشاهدة الأفلام الخليعة وسماع الأغاني الماجنة وأخذوا يلهثون خلف حثالات الشرق والغرب ويقلدونهم في تقليعاتهم .. إن الذي ينظر إلى هذا الغثاء يدرك مدى تفريط الآباء في واجباتهم تجاه أبنائهم، ويُحس بمقدار تضييع الأمهات لأماناتهن ومسئولياتهن .. وإنهم لمسئولون … قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، الرجل راع على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده، فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته".

منقول بتصرف من كتاب -حوارات أسرية – للأستاذ مازن عبدالكريم الفريج