بينما يترقب الجميع نتائج المقترح الأمريكي الأخير لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وبعد ساعات من إعلان جيش الاحتلال أرقامًا وهمية لقتلى جيشه في قطاع غزة، في محاولة منه لتقليل خسائره وإظهار انتصاراته، أعلنت المقاومة عن تنفيذ سلسلة عمليات مكثّفة، تُظهر ما وصل إليه جيش الاحتلال من أزمةٍ يعاني منها جنوده داخل القطاع، بسبب قوة وجسارة العمليات التي تنفذها المقاومة منذ بدء الحرب.
وبثَّت كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، صورًا جديدة لكمينين نفّذتهما في خان يونس جنوبي قطاع غزة، ضمن سلسلة حجارة داوود، وقتلت خلالهما جنودًا ودمرت دبابات وآليات عسكرية.
وأظهرت المشاهد إغارة مقاتلين من القسام على آليات وجنود للاحتلال في منطقة المحطة بوسط خان يونس – يوم الجمعة-؛ حيث استهدفوا دبابتين "ميركافا" بعبوتي شواظ من المسافة صفر، كما استهدف المقاتلون ناقلة جند بقذيفة "الياسين 105″، قبل أن يشتبك المقاتلون مع قوة الإنقاذ الصهيونية التي وصلت للمكان.
من المسافة صفر
وأظهرت الصور تسلل 4 من مقاتلي القسام بين البيوت المدمرة في ساعات النهار حتى وصلوا إلى موضع تحرك ناقلة جند ودبابة قال أحد المقاتلين إنهما ضمن السرية الثالثة لجيش الاحتلال قبل أن تظهر دبابة أخرى في المكان.
كما تقدم أحد المقاتلين في منطقة مفتوحة -حاملا عبوة شواظ- باتجاه الدبابة الصهيونية حتى وصل إليها وفجرها من المسافة صفر، وعاد إلى بيت مدمر كان يتمركز فيه مقاتلون آخرون. قبل أن تنفجر الآلية الثانية بينما أحد المقاتلين يهتف: "الله أكبر.. ولعت"، فيما قام مقاتل آخر -بعد ذلك- بتفجير آلية أخرى وعاد إلى زملائه؛ حيث قاموا جميعًا بالانسحاب من المكان تحت إطلاق نار كثيف من الجنود الصهاينة والآليات .
ولاحقًا، ظهر المقاتلون وهم يشتبكون بالأسلحة الخفيفة من داخل أحد البيوت مع قوة الإنقاذ الصهيونية التي وصلت المكان من على بعد أمتار قليلة، وبدا أنهم أصابوا جنديا بشكل مباشر وهو إلى جوار دبابته.
خسائر صهيونية
وكان جيش الاحتلال أعلن -الجمعة- عن مقتل اثنين من جنوده أحدهما في شمال القطاع والآخر في جنوبه، وقال إن 4 أصيبوا بينهما اثنان بجروح خطيرة بينهم قائد سرية.
كما أظهرت المشاهد أيضا استهداف 3 ناقلات جند في منطقة المجمع الإسلامي وشارع البيئة بوسط خان يونس، الخميس الماضي، حيث خرج المقاتلون من بيت الأنقاض واستهدفوا الآليات واشتبكوا من الجنود بالأسلحة الخفيفة.
عمليات سرايا القدس
وبثت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مشاهد توثق تفجير عبوة ناسفة بآلية عسكرية صهيونية والاستيلاء على طائرات مسيّرة شرق مدينة خان يونس جنوبي القطاع.
كما أعلنت السرايا، الجمعة، عن تنفيذ عمليةٍ تعدّ من أكبر العمليات منذ بدء العدوان حتى الآن؛ حيث بثت مشاهد توثق كمينًا مركبًا ونوعيًّا نفّذه مقاتلوها ضد قوات الاحتلال الصهيوني، الأربعاء الماضي في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة.
وتضمّن الكمين تفجير حقل ألغام برتل من الآليات الصهيونية، ومن ثم استهداف قمرة قيادة دبابة بقذيفة مضادة للدروع، وكذلك استهداف منازل تحصن بداخلها جنود الاحتلال بالقذائف المضادة للتحصينات، بالإضافة إلى اندلاع اشتباكات من المسافة صفر مع قوات صهيونية خاصة، ووثقت الصور دخول طيران مروحي لإجلاء القتلى والجرحى.
إعداد العملية
كما أظهرت المشاهد تجهيز وإعداد حقل ألغام مكون من 6 عبوات مضادة للدروع، ومن ثم رصد تقدم الآليات المتوغلة وتوثيق لحظة الانفجار فيها، قبل أن يتدخل جيش الاحتلال بـ"مظلة نارية وتغطية دخانية بعد عملية التفجير".
وجاء في الفيديو المصور لسرايا القدس، أن المقاتلين أنشئوا وصلة نفق أرضية خلال 3 أيام، قبل خروجهم منها لاستهداف قمرة دبابة بقذيفة "آر بي جي"، كما وثّقت المشاهد أيضًا لحظات فرار جنود الاحتلال داخل منازلة قريبة من مقاتلي السرايا، إذ استُهدف أحد المنازل -الذي كان بداخله 10 جنود- بصاروخ موجه من طراز “107”، ما أدى إلى اشتعال النيران فيه.
وكذلك استهدف مقاتلو السرايا منزلًا آخر يتحصن بداخله نحو 20 جنديًّا وضابطًا صهيونيا بقذيفة "تي بي جي"، أعقب ذلك اشتباكات بالأسلحة الرشاشة، وتم توثيق اشتعال النيران في المنزل أيضًا.
تخطيط مسبق
وفي تفاصيل إضافية عن العملية، أكد قائد عملية الشجاعية في سرايا القدس -في تصريحات ادلى بها لشبكة الجزيرة- أنه تم استهداف نحو 40 ضابطًا وجنديًّا، وإيقاعهم بين قتيل وجريح.
وأضاف قائد العملية أن الكمين المركب لسرايا القدس نُفذ بتخطيط مسبق كان مطابقًا لمسرح العمليات، مؤكدًا أن مقاتلي السرايا أحكموا بالنار على الاحتلال وآلياته المتوغلة خلال الكمين في مربع الهدى شرقي الشجاعية.
وأشار قائد العملية إلى أن الجنود الصهاينة فقدوا القدرة على المبادرة ورد الفعل واكتفوا بالهروب والصراخ، مؤكدًا أن مقاتلي السرايا عاينوا جثثا متفحمة لجنود وضباط صهاينة، ومُتّهمًا الاحتلال بالكذب كعادته في التستر على خسائره.
سيطرة المقاومة
بدوره قال الخبير العسكري والاستراتيجي حاتم كريم الفلاحي، إن المشاهد التي بثّتها سرايا القدس، تُظهر أن العملية تمت على عدة مراحل، تبدأ بمرحلة التخطيط، ثم مرحلة الاستحضارات، ثم مرحلة التنفيذ، مشيرًا إلى أن النفق الذي تم حفره في ثلاثة أيام هو علامة فارقة في العملية العسكرية.
وأضاف الفلاحي -في تحليله العسكري للجزيرة- أن تنفيذ العملية جاء مطابقًا للمخطط الذي أُعدّ لها، ودلالة ذلك ظهرت في مرحلة زرع الألغام في المناطق المتوقع دخول قوات الاحتلال إليها، وعدد العبوات التي تحتاجها العملية، وكذلك تمت عملية التصوير دقيقة جدا وقد غطّت جميع مراحل العملية، ما يؤكد تحكم المقاومة ودقتها في إحكام التخطيط والتنفيذ للعملية.
وتعقيبًا على فرار جنود الاحتلال أمام كمين المقاومة، قال الخبير العسكري، إن ذلك يأتي نتيجة فقد التوازن لدى جيش الاحتلال بسبب الزخم الذي تُحدثه عمليات المقاومة المستمرة، وأدى فقدُ التوازن إلى ارتكاب أخطاء لدى قوات الاحتلال، والتي من بينها اجتماع قوته كاملة في داخل منزل واحد، ما أدى إلى تهشّم المنزل بعد استهدافه بالصاروخ الذي ألقته المقاومة.
وتابع أن قوات الاحتلال عندما فرّت يبدو أنها قسمت نفسها لقسمين، وذلك يدل على زيادة العدد عن 40 فردًا، بما يقارب 20 ضابطًا وجنديًّا في كل منزل، مما سهّل على منفذي العملية استهداف المنزل الآخر بقذيفة 107 وتي بي جي، وهذا هو السبب الذي جعل الخسائر كبيرة جدا.
تفجير حقل ألغام
والأربعاء الماضي، قال قائد ميداني في سرايا القدس إن مقاتلي الحركة نفذوا عملية مركبة نوعية استهدفت عشرات الجنود ورتلًا لآليات الاحتلال في مربع الهدى شرقي حي الشجاعية بغزة.
وكشف هذا القائد الميداني -عبر حساب سرايا القدس على تلغرام- أن العملية المركبة بدأت بتفجير حقل ألغام بالآليات الصهيونية المتوغلة، مما اضطر الجنود والضباط إلى دخول المنازل المجاورة "بشكل هستيري".
وعقب ذلك، استهدف مقاتلو السرايا قوات الاحتلال التي تحصنت داخل المنازل بصاروخ موجه، ثم قذيفة "تي بي جي" مضادة للتحصينات.
ووفق القائد الميداني، فقد باغت عناصر السرايا القوات المستهدفة واشتبكوا معها من مسافة قريبة بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، مؤكدا أنهم أوقعوا طاقم الآليات والضباط والجنود المستهدفين بين قتيل وجريح.
وكثفت سرايا القدس خلال الأسابيع الأخيرة نشر فيديوهات عملياتها ضد القوات والآليات الصهيونية في شمالي القطاع وجنوبه.
اعترافات الاحتلال
وقبل أيام، ذكرت إذاعة جيش الاحتلال أن 30 ضابطًا وجنديًّا قتلوا في قطاع غزة -بينهم 21 قتلوا بعبوات ناسفة- منذ استئناف الاحتلال الحرب في 18 مارس الماضي.
وفي السياق ذاته، ذكرت صحيفة "هآرتس" أن 20 جنديا صهيونيا قتلوا في القطاع خلال يونيو الماضي، في حين أعلنت وسائل إعلام الاحتلال مقتل 3 جنود،يوم الجمعة في معارك شمالي القطاع وجنوبه.