- د. اللبان: تكميم الأفواه يأتي بنتائج عكسية على الدولة

- السيد الغضبان: المواجهة تكون ببث قنوات بالخارج

- محسن راضي: ما يحدث قرصنة ضد الإعلام الهادف

- د. أحمد دراج: هذا بداية نهاية نظامنا المستبد

 

تحقيق- أحمد الجندي:

مع اقتراب انتخابات مجلس الشعب المصري والمزمع تزويرها من جانب النظام، وفي إطار حملة النظام لحماية تزويره المرتقب، قرر اغتيال بعض المنابر الإعلامية المعارضة لسياساته، وقصف بعض الأقلام الحرة المناهضة له، مستخدمًا في ذلك بعض رجال الأعمال الموالين له القائمين على رأس بعض الصحف والفضائيات، إضافة إلى إغلاق العديد من القنوات الهادفة التي تقدم إعلامًا متميزًا، فضلاً عن قراره بمراقبة رسائل المحمول الإخبارية، والتي تؤكد رعاية النظام للقهر، وكبت الحريات التي أصبحت من أولوياته التي تضمن له البقاء.

 

وكانت حيلة النظام في التخلص من بعض خصومة هذه المرة أكثر خسةً من الإغلاق والمنع المباشر، فخطط لاغتيال الصحافة الحرة برعاية صفقة بيع جريدة الدستور، بهدف تدميرها واغتيال سياستها التحريرية وليس لإقصاء شخص بعينه كما يظن البعض، مستخدمًا في ذلك بعض رجال الأعمال الموالين له، والمرتبطين بمصالح مباشرة معه، وإن كانوا يظهرون خلاف ذلك، وظهرت علاقة هؤلاء بالنظام جلية في مراسم تقلدهم لمناصبهم وظهورهم على  الساحة في هدوء وسكون تام دون أدنى تدخلات من النظام، كما فعل بأسلافهم.

 

وأيضا افتعلت الأزرع الخفية للنظام مشكلات مادية مع بعض القنوات التي تنتقد سياسات النظام في برامجها، بالرغم من أن نظام التعاملات المادية بين تلك القنوات ومدينة الإنتاج الإعلامي كانت مستقرة طوال الفترة الماضية، ثم التذرع لقنوات أخرى تقدم إعلامًا هادفًا لا يتوافق وهوى النظام مثل(الناس، الحافظ، الصحة والجمال)  بحجج إدارية كالتراخيص وغيرها، فضلاً عن إقصاء بعض الأقلام الحرة المعارضة التي كانت تكتب في بعض الصحف المستقلة التي يمتلكها رجال الأعمال الذين أفسدوا جميع المجالات التي يدخلون فيها، فبعد أن أفسدوا السياسة، استخدمهم النظام كأدوات لإفساد الصحافة أيضًا حتى يكون الظاهر أن النظام بعيد عن هذه المشكلات والفتن والإقصاء والمنع بالرغم من أنه المحرك الرئيسي لكل الأحداث.

 

والناظر إلى ممارسات النظام الحالية يجد حالة من التخبط والعشوائية في القرارات تنتاب هذا النظام الذي بدا متأرجحا كأنه يصارع الموت، فيغلق ويقصي ويمنع ويفتعل الأزمات في إطار حملته لحماية أمنه وتحصين نفسه كما يظن، وتضييق الخناق على الشعب المقهور الذي يئن تحت وطأة حكم هذا النظام الفاشل، بالرغم من أنه في الحقيقة بهذه الممارسات يخط بيده شهادة وفاته، (إخوان أون لاين) يفتح ملف حملة النظام لتكميم الأفواه

 

غباء السلطة

يرى الدكتور شريف اللبان أستاذ الصحافة وتكنولوجيا الاتصال، ومدير مركز جامعة القاهرة للطباعة والنشر أن حملة تكميم الأفواه التي تنتهجها الحكومة تجاه بعض الأقلام والبرامج المعارضة في مصر بالتنسيق مع بعض رجال الأعمال من ملاك الصحف والقنوات الفضائية هو من أجل إسكات الأصوات المعارضة قبل الانتخابات البرلمانية المقبلة وانتخابات الرئاسة؛ لأن هذه الأصوات المعارضة من شأنها التأثير على شعبية الحزب الوطني في انتخابات الشعب، وأيضًا سيؤثر سلبًا على الانتخابات الرئاسية إذا حدث فيها جديد غير المعطيات الحالية.

 

ويضيف أن رجال الأعمال أصحاب الصحف والفضائيات، اتفقوا على إقصاء المعارضين للنظام ولسياساته في صحفهم وقنواتهم، لأن لهم مصالح تربطهم مع هذا النظام، وإن بدا بعضهم معارضًا للنظام أو حتى على رأس أحد الأحزاب المعارضة، فهو لا يضَّحي بمصالحه لوجوده في حزب معارض يعتبر جزءًا من الشكل العام له، موضحًا أن هذه الأحزاب شكلية وتؤدي فقط الدور المرسوم لها بدقة في إطار النظام الحالي ولا تسعى إلى تغيير الواقع الراهن التي هي جزء منه.

 

ويرى أن إغلاق بعض الفضائيات لأسباب مختلقة- يعلقونها بالأمور المالية- رسالة من النظام لأي أحد يتجاوز الخطوط الحمراء أن مصيره سوف يكون نفس المصير إذا انتقد سياسات النظام، موضحًا أن هذا يعد "غباءً إعلاميّا" على حدِّ تعبيره؛ لأن إبعاد القنوات إضرار بمصالح المساهمين في مدينة الإنتاج الإعلامي، ولن يضير القنوات؛ لأنها سوف تعيد بثها من خارج مصر موجهة نفس رسائلها الإعلامية والخاسر الوحيد هي؛ لأنها ستخسر أموالاً من هذه القنوات وستخسر مساحة إعلانية.

 

ويؤكد أن سياسية الكبت الإعلامي وتكميم الأفواه التي ينتهجها النظام ستأتي بنتائج عكسية على مصر بصفه عامة وعلى النظام وخططه وأهدافه المرجوة من المنع والتضييق بصفة خاصة، موضحًا أن حرية الصحافة والإعلام تعتبر متنفسا للناس تعبر فيه عما بداخلها، أما الكبت فمن شأنه أن يسبب ضغطًا شديدًا يؤدي إلى الانفجار وهو ما ينبئ بحدوث أشياء أخرى لا يحمد عقباها.

 

وسائل جديدة

 

 السيد الغضبان

ويؤكد الإعلامي الكبير السيد الغضبان أن ما يحدث للصحف المعارضة والأقلام الحرة من منع وتدمير يعبر عن اتجاه النظام الواضح لتكميم الأفواه قبيل الانتخابات البرلمانية القادمة التي من ستراقبها منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام المختلف ، منتقدًا استخدام النظام لبعض رجال الأعمال والمنتسبين للمعارضة في تنفيذ مخطط تكميم الأفواه.

 

وينتقد ما أسماه باستسلام "المعارضة الغبية" على حد تعبيره، التي تركت الساحة الإعلامية للنظام وأعوانه يتصرف فيها كيف يشاء، مشيرًا إلى أن الإعلام هو سلاح العصر، وهو ما يفطنه النظام جيِّدًا، لذا يقوم بحملاته المتتالية للتكميم المطلق لأفواه كل المعارضين.

 

ويضيف أن الفضائيات الآن هي لغة العصر، وهو ما فَطنت إليه المعارضة السورية التي أطلقت قنوات فضائية تتحدث باسمها من لندن، ومن أماكن أخرى في العالم؛ لتوصِّل صوتها إلى الشعوب، وتحقق أهدافها، وتقاوم المنع الداخلي.

 

ويستنكر استكانة واستسلام المعارضة المصرية "الغبية" لإغلاق الصحف، وقصف الأقلام الحرة، دون البحث عن وسائل إعلاميه بديله تدعم تواصلها مع الشعب، منتقدًا تمادي النظام في غطرسته حتى قرر مراقبة رسائل المحمول أيضًا، مؤكدًا أن المعارضة سوف تدفع ثمن "غبائها"، وعدم إدراكها لغة العصر وآليات التواصل الحديثة، ملفتًا إلى أن النظام لن يتوقف عن إغلاق الصحف، وتكميم الأفواه، فلا بد للمعارضة من أن تكون لها فضائيات تُبَثّ من الخارج؛ لتواجه حملات النظام المتلاحقة على إعلامها الداخلي.

 

قرصنة نظام

 الصورة غير متاحة

محسن راضي

ويؤكد النائب محسن راضي عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين وعضو لجنة الثقافة والإعلام بمجلس الشعب، أن الحملة الأخيرة على بعض الصحف المستقلة والمعارضة، ووقف بعض البرامج المعارضة لسياسات النظام، وقصف أقلام كبار الصحفيين المعارضين للنظام، نوع من القرصنة الإعلامية التي يمارسها النظام ضد معارضيه، موضحًا أن هذا الأمر ليس بجديد على النظام، وليس مرتبطًا بتوقيت معين، ولكنه يحدث بشكل عام.

 

ويوضح أن الأزمة الحالية التي تمر بها جريدة (الدستور) كشفت المستور في صفقة الوفد والحكومة التي كانت بدايتها شراء جريدة (الدستور) وشراء الجمهور؛ لتقليل مساحة التعبير المتميز فيها، وتحويلها إلى شكل وديكور فقط، وتوجيهها نحو الجانب الاجتماعي فقط.

 

ويضيف أن المساس بالأمن والسياسة خطوط حمراء للنظام، من يتحدث فيها يكون عقابه الإبعاد والإقصاء، حتى في مجال الرياضة، فبمجرد تحميل أحد البرامج الرياضية مسئولية أحداث مباراة "الأهلي" و"الترجي" للسلطات الأمنية كان رد الحكومة هو إغلاق البرنامج وإقصاء مقدمه.

 

ويستطرد أن النظام يحارب الإعلام المتميز أينما كان، فلم يكتف بتدمير الصحف المعارضة، وإغلاق الفضائيات التي تبث برامج تنتقد سياسات النظام، بل امتدت يده الآثمة إلى إغلاق الفضائيات الإسلامية التي تقدم إعلامًا إرشاديًّا متميِّزًا، مثل قناة "الناس" و"الحافظ" و"الصحة والجمال" و"خليجية" وغيرها، مشيرًا إلى أن النظام بذلك يفقد كل ما تبقَّى من علاقة بينه وبين الشعب إذا كانت هناك علاقة أصلاً.

 

وينتقد النائب الدور الضعيف لنقابة الصحفيين في الدفاع عن أبنائها، موضحًا أن سيطرة رءوس الأموال على النقابة هو السبب الرئيسي في ضعفها، وضياع هيبتها، ومن ثم ضياع حقوق المنتسبين إليها.

 

بداية النهاية

 

د. أحمد دراج

ويقول الدكتور أحمد دراج الناشط السياسي وعضو الجمعية الوطنية للتغيير: إن حملة النظام على الإعلام المعارض تعبِّر عن حالة الضعف الشديد التي يعاني منها النظام، والتي جعلته "يلطش" في كل من حوله على حدِّ تعبيره، مؤكدًا أن هذه الحالة هي بداية نهاية النظام
وأفول نجمه سواء اعترف بذلك أم لم يعترف.

 

ويستنكر اعتماد النظام في حملته على بعض من ينسبون أنفسهم إلى المعارضة قائلاً: "إذا كان هناك نوع من الخلل في المعارضة الشكلية التي صنعها النظام واستخدمها في تحقيق أهدافه، فإن ذلك لن يؤثر على المعارضة الحقيقية واستمرار تلاشي النظام ووصوله إلى مرحلة التفكك النهائية، "معتبرًا أن تصرف النظام وأعوانه بتدمير الصحف المعارضة، وقصف الأقلام الحرة، ومنع البرامج التي تنتقد سياسات النظام؛ يعدُّ علامةً من العلامات الكبرى لنهاية هذا النظام.

 

وينتقد ما قام به بعض رجال الأعمال من الذين تربطهم مصالح مع النظام الحالي، وإن أظهروا خلاف ذلك، قائلاً: "لا يوجد رجل أعمال من المستحدثين عنده أقل قدر من الوطنية أو الضمير، فجميعهم يتعامل بمنطق "البيزنس" وحسابات المكسب والخسارة، ولا يهمهم مصلحة الوطن، حتى لو أعلنوا ذلك "مؤكدًا أنهم دمَّروا السياسة باقتحامهم لها، ويريدون أن يدمروا الصحافة أيضًا.